د. عبدالعزيز الجار الله
عندما كانت دول أفريقيا تتضور جوعاً اعتبرته أوروبا امتداداً للصراع الأزلي صراع الجنوب الفقير والشمال الغني، كما أنّ أوروبا تنظر بلا اكتراث للذي يتخلق داخل رحم الوطن العربي عام 2010م وتعتبره ربيع العرب لولادة الديمقراطية، رغم تحذيرات عقلاء أوروبا أنّ ما يحدث في الوطن العربي ليس كله صراعاً من أجل الديمقراطية والتحرر من حكم العسكر الذي ورثه من الاستعمار الغربي، بل إنّ صراع الربيع سيطال دولهم.
الهجمة الديموغرافية التي تجتاح أوروبا الشرقية وبطريقها إلى أوروبا الغربية، ليس بسبب الحرب في سوريا وليبيا فقط،كما لم تكن خالصة للاجئين في الشام والشمال الأفريقي العربي بل هي خليط أجناس من وسط وشرق آسيا، من غرب آسيا، من شرق ووسط والشمال الأفريقي:
أفغانستان وباكستان من شرق آسيا.
العراق وسوريا وإيران وتركيا من غرب آسيا.
الدول التي تفككت من الاتحاد السوفييتي السابق في وسط آسيا. دول ليبيا وتونس وموريتانيا والمغرب في الشمال الأفريقي.
يضاف لها دول شرق ووسط أفريقيا.
فهي بالواقع ليست هجرة سكان فارين من ويلات حروب بلادهم بل هي كذلك، وأيضاً هجرة سكانية استفادت بعض الدول بالتخلص من سكان كانوا يعيشون على هامش دولها، جاءوا من هجرات سابقة لا يملكون هويات ولا إثباتات ولهم تاريخ طويل مع الهجرات، هم عرقيات كانت تجوب العالم لأنها لم تستطع أن تكون لها دولة، كما لم يسمح لها في إنشاء كيانات بالدول التي يعيشون بها، ولم يتم الاعتراف بهم كقومية لها ثقافتها ولغتها ومعتقداتها، فكان الحرب في أفغانستان والحرب على العراق، والربيع العربي الذي أهمل، والفقر في الدول الأفريقية، وانكسار حاجز الشمال الأفريقي في ليبيا، وطول زمن الحرب في سوريا أدى إلى تحرك وهجرة سكانية إلى أوروبا، حيث انفرط عقد الدول التي كانت تشكل طوق حماية حول أوروبا، محمية بتماسك دول الجنوب والشرق من حولها.
تحاول أوروبا الغربية أن تفصل وتفرق بين المهاجرين وتصنّفهم:
اللاجئون من الحرب في سوريا وليبيا وهم أكثر رعاية.
المهاجرون غير الشرعيين من دول أفريقيا هاربون من الجوع والفقر.
مهاجرون من آسيا يبحثون عن فرصة عمل ومعيشة أفضل.
مهاجرون من أوروبا الشرقية (بطالة) يرغبون في الانتقال والإقامة والعمل في أوروبا الغربية.
هجرات قومية تعيش على هامش دول أوروبا تريد الاعتراف بها داخل أوروبا.
مجموعات بشرية بلا هويات تستفيد من الحروب لتحسين أوضاعها القانونية.
إذن ليس كل ما يحدث من هجمة على أوروبا بسبب سورية وليبيا، بل هي غايات وحركة سكانية باتجاه الدول الغنية المستقرة سياسياً واقتصادياً.