محمد المنيف
عرف عن النبات الصحراوي تحمله لظروف الصحراء القاسية وأهمها الماء والرعاية.. هذا الوصف ينطبق على الجماعات أو المجموعات التشكيلية التي لها تاريخ طويل، نبتت كما يوثقها تاريخ الفن في كثير من البيئات الغربية كما نبتت في البيئة العربية ومع ذلك تلتقي رغم اختلاف البيئات في جوامع مشتركة حيث يموت أغلبها وتجف أوراق بعضها قبل أن تثمر إلا بالقليل من المعارض، لاعتمادها على ما تجود به أيدي أعضاءها، وإذا عدنا إلى التعريف بالجماعات أو المجموعات التشكيلية التي تتأسس في محيطنا المحلي وتتعدد وتنوع في جانب الفئات (النساء والرجال)، جماعات تختلف كل منها عن الأخرى فمنها كما أشرنا في مقال سابق ما يتفق على هدف يشكله ويضعه مؤسسي تلك الجماعات لتحريك الساحة ودعمها وجمع الجهود عبر نشاطات تتحرك ككتلة إبداعية متماسكة قوامها تقارب التوجه تبنى على توافق في الفكرة أو أسلوب التنفيذ، ومنها ما يتشكل لجمع الجانب المادي من أعضائها لتنفيذ برامجها دون النظر لمستوى الأعمال من الجانب الفني فتظهر معارضها بما يشبه بوفيه بعض المناسبات التي تعتمد على أرخص المطاعم، (كوكتيل) من الأطعمة الكثير منها لا تقبله النفس أو تستطيع هضمه المعدة.
أما الأسوأ في مثل هذا التجمع أو الجماعات يكمن في أسلوب القيادة التي يتحكم فيها فرد واحد يتحول عند اتخاذ القرارات إلى مدير مستبد عند الاختلاف على أمر من الأمور، ليبدأ في تحريك المجموعة من خلف الستار بالاتصال بالأعضاء كل على حدة لإقناعهم برأيه لتنتهي المجموعة بهذا الأسلوب إلى التفكك، وهذا أهم أسباب انتهاء أو توقف بعض المجموعات.
نختم بالقول إن التنظير ومنح الخيال مساحة للتحليق متجاوزا الواقع لا يحقق النتائج وكما يقول المثل (كبر اللقمة تسبب الغصة) فبعض المجموعات التي توقفت إما مبنية على شللية عزلت أعضاءها عن الساحة وعن المشاركة مع الآخرين، أو أنها زادت الكيل في خطة عملها وحملت نفسها الاهتمام بأمور ليست من شأنها كالتخطيط للاهتمام بالموهوبين وإصلاح الساحة بتقييم وتقويم حالها وكأن المجموعة مؤسسة رسمية ذات قدرات مالية وإدارية تعادل ما تمتلكه وزارة الثقافة والإعلام، فأضاعت بذلك ما يجب أن تنشأ من أجله وبما يتناسب مع قدرات أفرادها المادية والفنية أو بما يمتلكه أفرداها من طول النفس لضمان الاستمرار.
المعلومة الأهم هي أن الفنانين عامة لديهم حساسية مفرطة تجاه فهم المنافسة التي دفعت الكثير منهم إلى صنع أجواء من الكراهية لمنافسيهم فبنوا بها جدارا عازلا بين من يتفاعل معهم وبين الآخرين شكلوا بها ظاهرة التكتلات التي فككت جسد الساحة التشكيلية.
لاشك أن وجود أي نشاط يخدم الساحة ويلم الشمل هو أبرز مطالب التشكيليين.