سلمان بن محمد العُمري
معالي د. غازي القصيبي -رحمه الله- (ذو الوزارات) والأديب والدبلوماسي والرجل الأكاديمي من الرجال القلائل المتميزين علمياً وعملياً، إن استمعت أو قرأت ما يقوله عنه من عمل معه في ميادين العمل المختلفة ستسمع العجب العجاب من التضحية والإيثار والتواضع وإنكار الذات والتحفيز والتشجيع والعمل بمبدأ القدوة الحسنة، وفي الوقت ذاته الحزم حينما يكون لا مفر من اتخاذ هذا القرار ولكن كوسيلة للإصلاح وليس العقاب كغاية وهدف.
التقيت أول مرة مع الوزير الإنسان عندما كان وزيراً للصناعة والكهرباء في بداياتي في عالم الصحافة، أعقبها لقاءات عدّة متنوعة أحتفظ منها بكثير من الذكريات الجميلة معه.
وحينما تقرأ ما كتبه غازي القصيبي من سيرة ذاتية وتجربته في العمل وفي الإدارة بوجه خاص ترى مدرسة فريدة تتمنى لو تم استنساخها في أكثر من موقع، ومن الجميل أن الفقيد لم يعزف عن الكتابة والتوثيق كغيره بل ترك شيئاً من ذكراه العطرة وانطباعاته الرائعة وتوجيهاته الإدارية السديدة ولعلي أضع بعضاً مما ورد إليَّ من آرائه الجميلة التي تستحق أن يتمعنها الجميع وخاصة أصحاب القرار:
1- إنك لا تستطيع أن تجعل الآخرين ينفذون ما تريد أن ينفذوه، ويمتنعوا عما تريد أن يمتنعوا عنه إلا عن طريق ثلاثة دوافع هي: الحب والاحترام، والرغبة والثواب، والخوف والعقاب.
2- إن وصول الرئيس في الموعد المحدد يضمن وصول بقية الموظفين في هذا الموعد، وبقاؤه إلى نهاية الوقت المحدد كفيل ببقاء الجميع.
3- على صانع القرار ألا يتخذ أي قرار إلا إذا اكتملت أمامه المعلومات.
4- لا يوجد عمل -مهما ارتفع شأنه ومقام صاحبه- يخلو من مشاغل روتينية.
5- لا تتعامل مع أي موقف دون أن يكون لديك الصلاحيات الضرورية للتعامل معه.
6- احرص على تسجيل كل شيء في الأوراق (اتفاقات، نتائج اجتماعات،...)
7- ابحث عن شريك فعلي يتحمل المهام معك, حتى تجد الوقت الكافي للتأمل والتخطيط للمستقبل.
8- افتح المجال أمام الآخرين وسوف يذهلك ما تراه من منجزاتهم.
9- لا تذهب إلى عمل جديد إلا بعد أن تعرف كل ما يمكن معرفته عن العمل الجديد، إما بلقاء بعض العاملين فيه، أو بالقراءة عنه، أو بهما جميعا.
10- اختبر بنفسك الخدمة التي يقدمها الجهاز الإداري الذي تعمل فيه.
11- لا ينبغي للرئيس الإداري -مهما كان تعلقه بالمؤسسة التي يرأسها- أن يختلق جدوى لا توجد، وأن يحرص على توسع لا ينفع.
12- لا يجوز للإداري -مهما كانت عواطفه الإنسانية نحو زميل- أن يبقيه في موقعه، إذا كان بقاؤه يعرض العمل أو الآخرين للخطر.
13- على المدير الناجح ألا يخضع للابتزاز (ابتزاز الاستقالة، ابتزاز......) وعليه أن يخبر من يريد الاستقالة أن كل الأبواب مفتوحة. لا يستطيع الإنسان أن يحيا حياة طبيعية في ظل الابتزاز مهما كان نوعه. والابتزاز في هذا المجال لا يختلف عن الابتزاز في كل مجال. اقبل الابتزاز مرة وسوف تضطر إلى قبوله إلى الأبد.
15- هناك ثلاث صفات لا بد من توفرها في القائد الإداري الناجح:
* القدرة على معرفة القرار الصحيح. الحكمة هي جوهر الصفة الأولى.
* القدرة على اتخاذ القرار الصحيح. الشجاعة هي جوهر الصفة الثانية.
* القدرة على تنفيذ القرار. المهارة هي جوهر الصفة الثالثة.
16- لكي تخطط لعمل جهاز ما، يجب أن تكون الصورة الإدارية للجهاز متضحة في أذهان المخططين. بعض الإداريين يخطئون خطأ بينا عندما يبدؤون التخطيط بجهاز لم يستكمل مقوماته التنظيمية.
17- لا تستح أبدا أن تعترف بجهلك وأن تعالجه بخبرة الخبراء. فالإنسان الذي يعرف نقاط ضعفه يملك فرصة حقيقية في تحويلها إلى نقاط قوة.
18- لا يمكن أن يكون القائد الإداري فعالاً إذا ظلت إنجازاته طي الكتمان. جزء مهم من فعالية القائد أن يكون فعالاً أمام رؤسائه ومرؤوسيه والناس. وهذا لا يتم إلا عبر وسائل الإعلام، ولكن الإعلام بدون إنجاز حقيقي جعجعة لا تلبث أن تهدأ دون أن تترك خلفها طحناً.
19- اختيار المساعدين الأكفاء نصف المشكلة، والنصف الآخر هو القدرة على التعامل معهم الذي يريد مساعداً قوي الشخصية، عليه أن يتحمل متاعب العمل مع هذه الشخصية القوية. أما إذا كنت لا تريد أن تسمع سوى «نعم نعم نعم!»، فمن الأسهل -والأرخص- أن تشتري جهاز تسجيل. أما إذا كنت تريد بالفعل مشاركة الرجال عقولهم، فعليك أن تتذرع بصبر لا حدود له.
20- عندما يتلقى موظف تعليماته من مرجعين: أحدهما أعلى من الآخر، فإنه سوف ينزع إلى تجاهل التعليمات الصادرة من المرجع الأدنى.
21- إذا كان القائد الإداري يتلقى -راضياً مسروراً- المديح عن كل إنجاز فعليه أن يتقبل -راضياً- المسئولية عن كل خطأ. القائد الإداري الذي ينسب النجاح إلى شخصه ويعلق الفشل في رقبة مسئوليه، يستحيل أن يحظى بثقة العاملين معه. وبعد فترة يخاف العاملون مغبة الخطأ فلا يعملون شيئا وينعدم الإنجاز.
22- إذا كنت تريد النجاح فثمنه الوحيد سنوات طويلة من الفكر والعرق والدموع.
23- سر النجاح في قيادة المجالس (الاجتماعات) أمران سهلان/صعبان:
التحضير الكامل: وذلك بأن يكون مستوعباً لكل مادة على جدول الأعمال، وقادراً على الإجابة على كل تساؤل يمكن أن يثيره الأعضاء. إذا لم يفعل ذلك فقد تسير الأمور في غير الاتجاه الذي يريده، أو تنتهي بغير قرارات حاسمة. أي أن الرئيس عليه أن يبذل قبل كل جلسة أضعاف ما يبذله أي عضو آخر.
احترام مشاعر الأعضاء ورغباتهم: فقد يختلف معك أحد الأعضاء، فليس من الحكمة أن يحاول الرئيس الضغط أو يطلب التصويت.
هناك عدة بدائل: طلب تقرير مفصل عن نقطة الخلاف، تشكيل لجنة لبحث الموضوع (يفضل أن تكون برئاسة العضو المخالف)، أو أن يطلب التأجيل في البت إلى جلسة قادمة وهذا أضعف الإيمان.
24- على رئيس المجلس أن يكون آخر المتحدثين عند بحث القرارات ومناقشتها.
25- إن الذي لا يخطئ هو الذي لا يعمل.
26- الإداري الناجح ليس هو الإداري الذي لا يمكن أن يستغني العمل عن وجوده لحظة واحدة، بل على النقيض من ذلك تماماً. الإداري الناجح هو الذي يستطيع تنظيم الأمور على نحو لا تعود معه للعمل حاجة إلى وجوده.
27- إن محاولة تطبيق أفكار جديدة بواسطة رجال يعتنقون أفكاراً قديمة هي مضيعة للجهد والوقت.
28- المال عنصر أساسي في الإدارة، ولكنه ليس العنصر الأوحد، وقد لا يكون العنصر الأهم.
29- الإعلام سلاح فعال، ولكنه ككل الأسلحة، سلاح ذو حدين.
30- عندما يكون عدد الموظفين صغيراً، فلا مبرر لتعقيد الوضع بتنظيم هرمي.
إن حاجتنا ماسة وكبيرة لتعلم المهارات الإدارية، حيث يمكن الاستفادة منها في جوانب الحياة المختلفة.
خاتمة:
نعم إن هذه الخواطر تستحق الحفظ والتطبيق حتى بالحياة العادية.