سلمان بن محمد العُمري
«إن هذه الحوادث لن تثني عزائمنا في المواجهة والتصدي بكلّ حزم لكل من تسول له نفسه العبث بأمن الوطن ومكتسباته»
كلمات واضحة يؤكدها نائب خادم الحرمين الشريفين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - ملخّصة موقف المملكة حكومةً وشعباً تجاه الإرهاب بمختلف أشكاله وأنواعه.
ويقول: «إن التفجير الإرهابي كشف مدى حقد هؤلاء المجرمين واستخفافهم بحرمات بيوت الله وبأرواح الآمنين، نظراً لما يحملونه من فكر ضار وتجرد من كل القيم الدينية والأخلاقية والإنسانية وما يقومون به من أعمال لا تمت إلى الإسلام بصلة.. وأن هذه الحوادث لن تؤثر في المملكة والتفاف شعبها وستظل بمشيئة الله واحة أمن واستقرار» .
نعم سمو الأمير إن الأعمال الدنيئة للجماعات الإرهابية المتطرفة تؤكّد بعدهم عن الدين واستهانتهم بالحرمات فقد انتهكوا حرمة المساجد وفجروا، واستهانوا بالدماء فسفكوها، واستهانوا بكتاب الله الكريم فحرقوه ومزّقوه، ظلمات بعضها فوق بعض متسلّحين بالغدر والمكيدة ودناءة النفس.
وهذه الأفعال الإجرامية ستزيدنا ترابطاً ووحدة، ومحاولات الأعداء اليائسة تزيدنا قوة وتصميماً على دحر الإرهاب حكومةً وشعباً، وهذا الفكر الضال الرامي إلى زعزعة الأمن، واستقرار الوطن، سيندحر وسيقضى عليه من جذوره وسيبقى وطننا شامخاً بحول الله وقوته على الدوام بقيادته وولاء شعبه.
هذه الجماعات الإرهابية المارقة من الدين استسهلت إزهاق أرواح الأبرياء وقتل الأنفس المعصومة بعد أن امتلأت قلوبهم حقداً وخيانة، وهذه الأعمال الإجرامية لهؤلاء المفسدين تؤكد يوماً بعد يوم أن هؤلاء يقفون مع أعداء الإسلام لمحاربة الإسلام والمسلمين باسم الإسلام، وهم أداة لتنفيذ مخططات أعداءه حينما يتم استغلال السذج والقاصرين في الفهم والإدراك فيعملون على تشويه صورة الإسلام أولاً من خلال أعمال إجرامية تقع في المملكة العربية السعودية «بلاد الحرمين الشريفين»، والأمر الآخر وهو الهدف الأكبر للأعداء محاولة التأثير على الدين بضرب قبلة المسلمين ومهوى أفئدتهم، وهذا الاتفاق الضمني والفعلي بين أهداف المجرمين ومنفذي العمليات الإجرامية، وأهداف أعداء الإسلام ليس غائباً عن إدراك ولاة الأمر - حفظهم الله - الذين أعلنوا أن مثل هذه الأعمال الإجرامية لن تزيدهم إلا تمسكاً بشرع الله الصحيح، وأن مسؤولية الدفاع عن وجه الإسلام المشرق تحتم على الجميع مواجهة هذه الشرذمة الضالة من المفسدين، حتى يتم اجتثاث الفكر السوداوي الخبيث الذي لا يعرف إلا لغة الدم. وعندما تكتوى المملكة بنار الإرهاب فهي بحول الله وقوته أقوى من يحاربه.
ويبقى السؤال كيف أصبح مجتمعنا المتدين بالفطرة بيئة خصبة لنشوء الأفكار المتطرفة، وتزايد الجماعات الإرهابية في بلادنا؟!
لاشك أن أيّ خروج عن الفطرة السوية، هو مما لا يتفق وسماحة ديننا وشريعتنا الإسلامية، وتعاليمه السامية، وأخلاقه الفاضلة، ومخالف لما عهدناه ولله الحمد في مجتمعنا وبلادنا من محبّة للخير ونبذ للشر، وإننا لنعجب من هذه الحالات الشاذة التي لم نألفها في تاريخ بلادنا المحب للخير وعمل الخير أو يتحوّل أداة في يد أهل الشر والزيغ والفساد، ولم يدرك هؤلاء الشواذ في ما جنوه على الدين وعلى بلادهم وأهلهم، فهذا الاضطراب في الفكر وتشويهه، والانحراف الفكري سبب في انتشار الفتن، وفقدان الأمن، وظهور الفرق والانشقاق، وحصول القلاقل، وينتج عنه اعتداء على النفس البشرية، ومكتسباتها، وأموالها وأعراضها، والإفساد في الأرض، فيؤثر على اقتصاد البلدان، وأعظم من هذا حينما يربط بالإسلام، فيشوّه صورة الإسلام، وينفّر غير المسلمين منه عندما يلصق العمل الإرهابي والتخريبي باسم الإسلام، فيضيق على أهله، وينال منه عبر وسائل الإعلام.
ومع الوجع والألم الذي أصابنا كمجتمع وطني متلاحم، تبدأ طرح المسببات، والأسئلة المتلاحقة، وتقديم الرؤى والأفكار، وأحياناً الاتهامات عن تقصيرنا وهو حاصل كل ذلك ونحن ندور في دائرة مغلقة.
والأخطر حينما يتبادل من هم في المؤسسات المعنيّة الاتهامات وتصفية الحسابات عبر وسائل التقنية من تويتر وبرامج التواصل الاجتماعي بالغمز واللمز تارة، وبالتلميح والتصريح تارة أخرى. ماذا سيكون موقف الناشئة والشباب حينما يتابعون هذه الصراعات في المجتمع المتديّن ؟!
أعتقد أننا بحاجة إلى ضبط هذا الانفلات، وبحاجة إلى العمل الجاد من كافة المؤسسات والقطاعات والأفراد لمواجهة الإرهاب وخاصة العلماء والدعاة والمربين وقادة الرأي وطلبة العلم وعمل الخطط والبرامج للتحصين من الأفكار المنحرفة سلوكياً وأخلاقياً، وتفعيل مكارم الأخلاق في المجتمع. ومثل ذلك يتطلّب قلوب طاهرة لا تحمل الحقد والحسد والضغينة للآخرين، قلوب بيضاء هدفها خدمة الدين والوطن بكل صدق وإخلاص.
إن هذه النبتة الخبيثة تقف خلفها عصابات دولية مستخدمة كافّة الوسائل بما فيها «الدين» وفق خطط وضعت بشكلٍ منظّم.
أسأل الله أن يحفظ ولي أمرنا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وسمو نائبه الذي كان دائماً وأبداً مع رجال الأمن البواسل، يضربون أروع المثل في التصدي للإرهاب، وضحوا بأرواحهم دفاعاً عن أمن الوطن والمواطن، وحماية لمكتسبات بلادنا من أن تنالها أيدي العابثين المخربين.