علي الخزيم
بعد زخّات من الغيث اللطيف على المساحات الخضراء والأحراش المحيطة بالقرية الوادعة منذ أيام خلت خرج الزوجان للاستمتاع بالأجواء الجميلة الرائقة، إلاّ أن صوت رضيع كان يمتد إلى أسماعهما من بين الأشجار. استكشفا الأمر، وإذا به لقيط مُعرّض للمطر والأذى؛ فأبلغا جهة الاختصاص. كما أن مواطناً في منطقة أخرى، وبالفترة ذاتها، قد أبلغ عن مشاهدته رضيعاً حديث الولادة، وُضع بمُصلى داخل حديقة على قارعة الطريق. ويبدو أن صاحب هذه الحالة أرقُّ وأرحم من سابقه الذي رمى بالرضيع بين الطين والشجر والهوام وتحت المطر. وربما أن هذا القياس لا يمكن الركون إليه إذا ما افترضنا أن الفاعل في تلك اللحظة يهمه فقط التخلص من الرضيع بأي طريقة دون قتله عمداً، لكني مع ذلك تساورني شكوك بأن هذه الحالات هي الناجية من التصفية والقتل خوفاً من الفضيحة والملاحقة القانونية؛ بمعنى أن ثَمّةَ رُضّعاً قد أُزهقت أرواحهم بُعَيد ولادتهم، أو أجِنّة في بطون أمهاتهم إجهاضاً، وفي كلتا الحالتين هي جريمة تُضاف إلى جريمة الزنا المحرمة شرعاً، وجريمة التعدي على الأعراف والقوانين المرعية في البلاد. وتم إيراد المَثَلَيْن كأقرب حالات وردت في الأخبار، وهما كافيان للتذكير بأن حالات كثيرة مشابهة تتم هنا وهناك، ووجود أماكن غير قانونية ولا مرخصة تسمى تجاوزاً بعيادات الحمل (وهي في حقيقتها لإخفاء الحمل السفاح)، أي أنها أماكن لإجهاض الحمل مقابل مبالغ عالية، وبطرق قد تكون مضرة ومهلكة أحياناً. وقد اجتهدت (وأنا غير المختص) لأبحث عن سبب التصاعد الطردي في عدد حالات الزنا واللقطاء، فأقرنها بزيادة توافد أعداد العمالة الرديئة المتدنية بوعيها وفكرها، عديمة الثقافة والتعليم، أكثرها من أرباب السوابق والجرائم في بلادهم، فلا يلبثون عندنا إلا أمداً قصيراً لتظهر عليهم علامات الشَّبع والاسترخاء لقاء الارتياح النفسي والحصول على المال بأي طريقة، والتحويل لحساباتهم بالخارج، فيتحول تفكيرهم إلى إكمال هذا التّنَعُّم بما اعتادوا عليه قبل قدومهم من سهرات حمراء بمكوناتها ومقوماتها التي لا تخلو من مُخدرات ومُسكرات وبائعات الهوى. فهذا التحول عنصر أساس في رواج سوق هذه السموم وما يتبعها من زنا وحمل سفاح وأمراض وجرائم متلاحقة. ولن تبرأ ساحة بعض المواطنين من ذلك، إنما تأثير العمالة المتخلفة واضحٌ على مقومات المجتمع الأخلاقية السلوكية، وبالتالي الأمنية.
ومن المناسب هنا استذكار أقوال صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز - رحمه الله - عقب ترؤسه اجتماعاً للجنة الوطنية لمكافحة المخدرات: «إن مجتمعنا مستهدف، والكميات التي تصل إلى المملكة كميات غير معقولة، لا من الحشيش ولا من الهروين، وهي أسوأ أنواع المخدرات، ولا من الحبوب والكبتاجون وما يماثلها، وهي كميات مزعجة. والحقيقة أنه لولا وجود المشتري لما أتت بهذا القدر. ونحن مستهدفون من جهات متعددة من أجل الكسب المادي، ومن أجل إفساد مجتمعنا على حساب الأرباح المادية». ومعلوم أن من شرور هذه السموم التّحريض على السعار الجنسي العدواني والتحرش والقتل (أحيطوا بهم ونظّفوا المجتمع).