محمد عبد الله الحمدان
اذكروا آباءكم.. يا قوم .. ولا تنسوا ابن وبنت.. اذكروا آباءكم.. يا قوم
أيها الناس اذكروا آباءكم عندما تتكلمون أو تكتبون، وذلك براً بهم وتجنبا لتشابه أسمائكم مع أمثالكم، بروا آباءكم تبركم أبناؤكم.
أنصح إخواني الكتاب والمتحدثين بذكر آبائهم كلما ذكروا أسماءهم لأنهم بعدم ذكر آبائهم قد عقّوهم، وحكموا عليهم بالنسيان، ومحوا آباءهم من الوجود، وهذا منتهى العقوق.
ومن أمثلة ذلك بعض المتوفين الذين لم يذكروا آباءهم في كتبهم وكتاباتهم (ولا غيبة لمجهول)، وكذلك بعض الأحياء (ولا غيبة لمجهول أيضا).
وهذا يشمل الجنسين الذكور والإناث (أي الجنس الخشن والجنس اللطيف) وكتبت عن هذا مراراً ومنها عدد الجزيرة 13791 بتاريخ 20-7-1431هـ.
وقد أكد لي د. إبراهيم بن عبدالرحمن التركي (أبو يزن) على ضرورة ذكر الأب - بل والجد- في أحد أعداد هذه المجلة، ولكن معظم (القوم) لم يستجيبوا (كعادتهم).
ابن وبنت
ما لهؤلاء القوم تركوا كلمة (ابن) بين أسمائهم وأسماء آبائهم، وقلدوا غيرهم في ذلك التقليد الأعمى، ليتذكر أولئك أن الرسول صلى الله عليه وسلم هو محمد بن عبدالله، وليس محمد عبدالله، وهذا يكفي.
وما لهن (أي الجنس اللطيف) تركن (بنت) بين أسمائهن وأسماء آبائهن، ليتذكّرن (ولا يهونن) أن فاطمة رضي الله عنها هي فاطمة بنت محمد، وليست فاطمة محمد، وهذا يكفي (أيضاً).
الشيخ صالح بن سعد اللحيدان و(ابن)
كتب هذا الشيخ في جريدة الجزيرة (الثقافة) يوم السبت 30-10-1436هـ في زاويته (معجم موازين اللغة) بعنوان: (كلمة ابن.. بين: الأحوال المدنية والجوازات)، كتب كلاما جميلاً عن هذه الكلمة، أنصح بالرجوع إليه، وقال فيه:
«وابن هذه من فروض الذكر ولم يشذ عن هذا عاقل يعقل أساسيات اللغة أو حقيقة النحو.
ولا يُسْتَغْنَى عن ذكرها قطعا فإن كان ثمة جهل أو جهل مركب أو كان جهلاً مقصوداً على ما درج عليه القوم في هذا الحين فهذا تدبر هدم اللغة، ولما كانت اللغة من الدين بمنزلة العين من الرأس، ضاع الوصف كما ضاع الموصوف فكأن السابق لابن لا ينتمي لما بعدها بالبنوة ومن هنا تزول اللغة شيئا فشيئا، لكن حذف (ابن) كما هو شائع اليوم بين كثير من الخلق، ومن بينهم عِلْيةُ من العلماء والباحثين والكتاب والدارسين، وليس ضياع اللغة وتدهور النحو إلا بمثل هذا، وكأنه عُرْف عُرِف وأمر جرى ويجري أنه لا بأس به ولم يعرف حذف ابن إلا في هذه الأزمنة.
ولعل كثير من الناس لو علم معنى حذفها لصك وجهه، وقال لك: هذا أمر شائن مشين، ولعل المعنى لو أدرك كثير من الناس معنى ذلك لوقف شعر الرأس، إذ المراد من هذا عدم انتماء الابن إلى أبيه بوصف البنوة، أراد أو لم يُرِدْ، شاء أم لم يشأ.
ومع هذا سارت هذه الخطوة الخطيرة على لوحات الشركات والمؤسسات وتصانيف الكتب وبطاقات التعريف وهذا قد أذن بهلكة اللغة وزوال القيام بها تطبيقاً.
ولهذا لا تجد مسلماً حراً يدرك ويعي معنى حذف (ابن) بين اسمه واسم أبيه فيحذفها فإن هي سقطت سهواً قام ولم يقعد.
لكن المشتكى إلى الله سبحانه وحده، ولست بملقٍ اللوم على عامي من العوام أو على من حذفها بين اسمه واسم أبيه على قصد العُرْف وجريان العادة الجاهلية الهينة.
لكن اللوم يقع على عِلْية تعي وتدرك مقاصد العبارات ودلالات الألفاظ.
وإلا فما نفهم من مثل هذا:
أ- علي محمد خالد..
ب- إبراهيم ناصر فهد..
ت- يوسف طاهر مراد..
وهذه أمثلة ليست إلا، لا تعني أحداً بعينه.
لكن اقرأ هذا السياق الجيد:
أ- صالح بن خالد بن عدنان
ب- يوسف بن جميل بن فرهود
ت- محمد بن فهد بن سبيع
فرق بيّن، وبون شاسع بين هذا وذاك.
و(ابن) هذه لا تحذف ألفها إلا إذا كانت بين علمين: (محمد بن سعد بن أحمد)
وتثبت لا تحذف أبداً إذا كتبت أول السطر مثل:
علي بن خالد بن محمد
ابن جميل.
وفي الجعبة أشياء.. وأشياء، لكن ما لا يدرك كله لا يترك جله وإنما ذلك تذكير فقط للمعنيين الذين هم يعنون بمثل هذا.
فالأحوال المدنية، والجوازات، والمدارس، والمستشفيات، ودور النشر، كل أولئك كان عنه مسؤولاً».
ابن وبنت.. وأنا
جزى الله الشيخ كل خير، وهدى أولئك والدوائر المختصة التي ذكرها الكاتب، وكذلك المكتبة الوطنية التي لا تضع (ابن) بين أسماء المؤلفين وأسماء آبائهم.
وكنت شاركت بجهد المقل في ذلك، فقد كتبت مراراً وتكراراً (ليلاً ونهاراً) في بعض مقالاتي في هذه الجريدة التي عنوانها (أكثر من موضوع)، ولعل الشيخ سعد لم يطلع على شيء منها، ومنها:
الجزيرة 20-7-1431هـ
الجزيرة 18-4-1426هـ