فاطمة العتيبي
«يمكن للاستعانة بالرؤى المستمدة من العلوم السلوكية والاجتماعية الحديثة أن تخلق أنواعا جديدة من الإجراءات التدخلية التي يمكن أن تكون رخيصة»
هكذا قال جيم يونغ كيم رئيس مجموعة البنك الدولي. والحقيقة إنني وجدت متعة كبيرة وأنا أقرأ التقرير الذي أعده جيم وفريق معه. والتقرير مليء بتجارب البلدان التي لديها تحديات في التنمية بسبب ثالوث الدمار الشامل (المرض، الجهل، الفقر) وكيف تفوقت هذه الدول على نفسها وتغلبت على الصعوبات وأنجزت وحققت نتائج غير متوقعة.
يكمن السر في العمل على تعديل سلوك المجتمع وجعل أفراده يتخذون القرار البشري المناسب.
ويرى جيم أن هذا القرار محكوم بعدة قواعد سلوكية أهمها التأثير، «فما يفكر به الآخرون أو يفعلونه يلعب دورا في أفضلياتنا واختياراتنا»
والتجارب التنموية المميزة كثيرة، ومنها تجربة كينيا في تحسين مستوى الخدمات المقدمة للمرضى وذلك عبر تحسين سلوكهم في الالتزام بالمواعيد الطبية، فقد عملت وزارة الصحة هناك على بث رسائل تذكيرية منتظمة للمرضى تذكرهم بمواعيد العيادة، وقد تحسن المرضى والتزموا بنسبة 53%
والحقيقة إننا نحتاج لتطبيق هذه البادرة خاصة إن وزاراتنا تبرم عقودا بالملايين مع شركات للدعاية والإعلان وبث أخبار ذهب فلان وسافرت فلانة، أظن الأولى أن نستخدم التقنية بما يعود على المواطنين بالخير والرفاهية ويحسن من مستوى الخدمات المقدمة لهم ويساعدهم في تعديل سلوكهم ومن ثم يضمن تحسنا حقيقيا على سلوكهم.
هذا نموذج لكن حجر الزاوية في التنمية ليس المال أو الجهد أو الخبرة أو التميز العلمي بل كيف تصنع خطتك مستثمرا ما لديك من إمكانات مادية وقدرات بشرية كي تدفع المجتمع ليتخذ القرار المناسب ويعدل من سلوك أفراده. هنا تصنع الفرق في التنمية في مختلف المجالات!.