سمر المقرن
لم يكن مفاجئًا لي عدد النساء القليل جدًا، عندما ذهبت لإصدار بطاقة قيد ناخب في الدائرة التابعة لمسكني، ولم يفاجئني العدد القليل أيضًا من النساء اللاتي قمن بإصدار بطاقة انتخابية عندما قمت بكتابة تغريدة أطلب فيها من النساء اللواتي أصدرنها أن يعملن ريتويت للتغريدة، على أن يضعنها في المفضلة النساء اللواتي لم يصدرن البطاقة، جاء الرقم الثاني أكبر بكثير من الأول.. لم يفاجئني هذا العدد القليل بعد أن اطلعت بنفسي على الشروط، وعلى الآلية البيروقراطية الغريبة التي تتنافى مع العملية الديموقراطية أولاً، ولا تتوافق مع التطور التكنولوجي ثانيًا. فالأوراق تعبأ يدويًا في وقت نسينا فيه الكتابة بالقلم والورقة، هذا عدا بطاقة الأحوال التي تُطمس صورتها عند التصوير بشكل يوحي وكأن صاحبة هذه البطاقة عبارة عن «شبح» وكان الأولى أن تكون هذه العملية اختياراً لا إجباراً!.
الأمر الأهم والذي تسبب في عزوف عدد كبير من النساء عن إصدار بطاقة انتخابية هو إثبات مقر السكن، وكان الأولى أن يكون إصدار البطاقة هو حق لأي مواطنة ومواطن ويتم عن طريق برنامج إبشر، أما حكاية إثبات مقر السكن فكان من الأجدر تأجيلها لحين يوم الاقتراع، وهذا يضمن لنا إصدار عدد أكبر من البطاقات الانتخابية خصوصًا للنساء اللواتي يخضنّ هذه التجربة للمرة الأولى.. لن أتحدث من بعيد بل من تجربة شخصية فقد ذهبت لإصدار البطاقة ومعي عدد من صديقاتي شجعتهن على هذه الممارسة الوطنية واستجبنّ لندائي، لكنني حقيقة شعرت بالخجل كونهنّ لم يتمكنّ من الحصول على بطاقة، وذلك بسبب طلب إجراء إثبات السكن، كيف للمرأة غير المتزوجة والتي تسكن في منزل بالإيجار باسم شقيقها أو أو خالها أو عمها أن تثبت السكن، ومن المعروف لدينا أن ملاك العقار يرفضون تأجير النساء إلا أن يكون عقد الإيجار باسم رجل! مع أنه لا يوجد أي قانون يمنع تأجير المرأة غير المتزوجة إلا أن ملاك العقار يرفضون، فهل يا ترى سيكون مستقبلاً لدينا قانون عقوبات لمن يرفض تأجير المرأة؟.. أتمنى ذلك خصوصًا ونحن على أعتاب الانتخابات البلدية التي تعترف ضمن شروط قيد الناخب أن يكون كاملاً الأهلية، فهل المرأة التي لا تستطيع إصدار بطاقة لأن عقد الإيجار ليس باسمها كاملة الأهلية أم العكس؟.. وهل كمال الأهلية سيطول بقية الإجراءات والأنظمة التي تخص المرأة أم أنها محصورة في الانتخابات البلدية؟.. كثيرة هي الأسئلة التي تجوب في ذهني ونحن مقبلون على الانتخابات البلدية التي تعترف بكمالنا الأهلية، لكنها أهلية لن تكتمل مع نقصان الإجراءات الأخرى التي تنتقص من المرأة وتعتبرها كائنًا مخيفًا وخطرًا كما هو الحال مع ملاك العقار الذين يرفضون تأجير البيوت للنساء، وكلنّا يعلم الحالة الاقتصادية الصعبة التي تعيشها الموظفة والتي قلما تُمكنها من الحصول على بيت ملك يكفيها شر هذه الرؤية التي تقلل منها بعد أن يكفيها غدر الزمن!.