علي الخزيم
صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز - رحمه الله- كان من أبرز القيادات السعودية التي أدركت بجلاء مخاطر المخدرات بأنواعها وما يندرج تحت مسماها من أصناف المُفتّرات والمسكرات، فكان حريصاً على مواجهتها بكل الوسائل والسبل، وقد موّل سموه شخصياً (كرسي الأمير نايف للوقاية من المخدرات) بجامعة الإمام؛ كدلالة على اهتمام سموه بمحاصرة الآفة وليُسخّر الكرسي نشاطاته البحثية والاستشارية والتدريبية لتلبية متطلبات الوقاية من المخدرات بالتعاون مع اللجنة الوطنية للمكافحة، غير أن نشاط الكرسي لم يَعُد ظاهراً عبر الإعلام ولا يُعرف مدى إنجازاته؟! كما يُفترض أن تكون وحدة الوقاية من المخدرات بمركز الأمير نايف بن عبد العزيز للبحوث الاجتماعية والإنسانية بجامعة الملك عبد العزيز بجدة وحدة رائدة في مجال الوقاية والمكافحة للمخدرات من خلال توظيف الإمكانات والطاقات الأكاديمية في مجال البحث القائم على أسس علمية، والتساؤل ذاته مُصوّب نحوها للتعريف بجهودها إن كانت لا تزال تشعر بالنبض؟ لا سيما أن المنطقة حولها أكثر معاناة من الوباء، ثم إن هناك جهات ومراكز معنية بالمكافحة يؤمل منها إبراز وجهها الحسن وما قدّمته من أعمال ومبادرات في هذا الإطار، لأن استرخاءها يبعث الملل لدى المواطن العادي ويُفتّر حماسه وجهوده للمحاصرة في محيطه الأسري والاجتماعي.
إعلان وزارة الداخلية الأخير المتضمن لإحصائية المقبوض عليهم من المهربين والمروّجين والمضبوطات من السموم خلال الأشهر الستة حتى نهاية شوال من العام الحالي يبرهن على مدى استهداف المملكة وشعبها بهذه الحرب الضروس بسلاح المخدرات، فهو مُربح مادياً يُعوّض خسائر الجهات المخططة المدبرة والموجهة للمعركة، ثم الأهم فإنه سلاح تدميري قوي يستهدف شبابنا وفتياتنا بأصناف السموم القاتلة للعقل والنفس والمروءة، المدمرة للمشاعر والأحاسيس الإنسانية السامية، الهابطة بدرجات الإدراك الإنساني إلى ما دون مستوى الحيوان المتوحش المشبع لغرائزه بالبطش دون بصيرة، الباحث عن تسديد نزق النفس الشريرة بالقتل والعدوان حتى مع الوالدين والأقربين؛ بسبب السم الفتّاك بالدم والأحشاء، والمسيطر على العقل، المُغيّب للإدراك السَّوي.
ومما يعزِّز الرأي القائل بأن العمالة الجاهلة المتخلفة فكرياً وثقافياً المتدنية مهنياً والزائدة عن الحاجة بديارنا تتحمّل النسبة العليا من مسئولية تصنيع الخمور وترويجها مع المخدرات والدعوة إلى ملحقاتها من الفجور والموبقات؛ هو ما نقرأ ونسمع من أخبار وقصص تؤكّد هذا التوجه، فمن ذلكم أن شاباً إفريقياً عمره فوق العشرين بمكة المكرمة حامت حوله التحريات والشبهة بارتكاب عدة جرائم سطو وسرقة واغتصاب، وحين القبض عليه برَّر أفعاله بأن سببها الحشيش المخدر لا غيره! فهو قدم لبلادنا ولا يعنيه سوى المتعة المحرّمة بأي طريقة، وكأنه يقول: (يعني نترك الحشيش والخمور علشان شوية اغتصاب وسرقة، أجل وش خانة الإقامة المزوَّرة)؟! ونقلت الأخبار قبل أيام افتضاح أكبر مصنع للخمور بأحد مراكز القصيم، وأشار الخبر المُصوَّر إلى أنه ينتج كميات ضخمة وتديره عمالة خبيرة، يبدو أنها كانت تعيش حالة من الاطمئنان، (أكرر النداء: اعصفوا بالعمالة المفسدة).