د. عبدالعزيز الجار الله
نشعر بالفخر الكبير لأجهزة مكافحة الإرهاب في الجهات الرقابية والأمنية والتحري بعد العملية الاستباقية التي تمت مساء الثلاثاء الماضي في حي المونسية (المؤنسية) شرقي الرياض وفي ضرماء غربي الرياض، الاعتزاز يأتي دائماً من العمليات الاستباقية التي تفاجئ الخصوم، فقد تعلمنا من عاصفة الحزم السرعة والمفاجئة والمبادرة الجريئة، عاصفة الحزم كانت الدرس العسكري والإداري والاستخباراتي والقرار الشجاع الذي قفز بنا إلى الخطوط المتقدمة في هيبة الدول بالمنطقة حين كانت إيران تعتقد بالخطأ والوهم أننا طوال هذه السنين نخشى المواجهة، كذلك الجماعات الإرهابية (القاعدة) تعتقد أننا دائماً في مربع الدفاع حتى جاءت سنة 2003م ومابعدها حين تصدت لها دولتنا بكل حزم وكسرتها وأجهضتها.
لعمليات التي تمت في المونسية وضرماء تكشف لنا بعض الحقائق التي لا نلاحظها للوهلة الأولى هي:
أن الحرب على الإرهاب أصبح بالشراكة المجتمعية، حيث تأكد أن للمجتمع دوراً رئيساً في حرب الإرهاب وإفشال مخططات الأعداء في تحويل أبناء المجتمع إلى وقود للعمليات الإرهابية، وهذه ليست الأول التي تشارك العائلات (الآباء والأهل) في التبليغ عن الحركات المشبوهة لأبنائهم، وهي خطوة نجاح تحسب للمملكة عندما تبنت العديد من الدول في السنوات الأخيرة دعوة مجتمعاتها ليكون شركاء في حرب الإرهاب والفوضى، فقد كان الأمر -عالمياً- محصوراً بجهات الشرطة والجيش والمباحث؛ لكننا شاهدنا قبل سنوات قليلة عندما توجهت بريطانيا وفرنسا وحتى أمريكا إلى المجتمع وتحديداً للأسر والعائلات بضرورة الحديث -التحاور- مع الأبناء ومحاولة منعهم من المشاركة في عنف الشوارع أو استخدام السلاح، وتعاون الأهل مع البوليس وتبليغهم عن الحالات التي حدث لها التغيير والميل للعنف.
أكدت عمليات المونسية وضرماء والعمليات الأخرى في: الوشم، سدير، الطائف، أبها، القطيف، الدمام على استمرارية جمع الأموال والتبرعات بقصد وغير قصد، وهذا يدل على عدم تجفيف منابع الإرهاب وما زال التمويل من الداخل عبر أساليب متعددة، والخطورة الأموال الكاش مثل التي عثر عليها مع خليتي المونسية وضرماء فالأموال لا تصل للخلايا إلا من مصدرين الدفع الكاش ربما بقصد أو غسيل أموال تديرها عصابات متخصصة، الأمر الآخر وهو بنفس أهمية عمليات جمع الأموال وأخطر هو تجنيد شباب بعمر الزهور في المرحلة الثانوية والسنوات الأولى من الجامعة، أي تحويل الأبناء إلى خصوم للأسر والعائلات وتحويلهم أيضاً إلى خصوم للمجتمع والدولة، ثم التضحية بهم وجعلهم وقوداً للعمليات الإرهابية.