يوسف المحيميد
ما يحدث من حالات غرق وموت واعتقال ومنع دخول للسوريين المهاجرين على حدود مختلف دول أوروبا هو أمر مشين، وغير إنساني، سواء من النظام الذي لم يزل يقتل ويبيد، ويقذف براميل البارود المتفجر على المواطنين، أو من التيارات المتطرفة، كتنظيم داعش الذي كان إنقاذاً وحلاً سحرياً للنظام هناك، الذي تحول - حسب وصف الميديا الموالية - من نظام مستبد وقمعي، إلى نظام وطني يحارب جماعات الإرهاب التي تنهك البلاد وتخل بأمنه، وكأنه كان بلداً آمناً مطمئناً!
كثير من الدول الأوروبية، كرواتيا، صربيا، هنغاريا، النمسا، وغيرها أقفلت حدودها أمام تدفق السوريين اللاجئين، ممن نجا من غدر البحر والموج العالي والرياح العاصفة، فأصبح المواطن السوري يعيش بشكل مؤقت، أمام مثلث الرعب المشين، الموت بسلاح النظام أو داعش، أو الموت غرقاً في عرض البحر، أو الاعتقال على الحدود مع دولة أوروبية، وهذا الخيار ربما هو الأقل مرارة، رغم أنه سجن واعتقال، لكن البقاء في مكان مظلم وبين أربعة جدران، أخفّ ضرراً من انعدام الأمن والطمأنينة!
صحيح أنّ دول الخليج، وعلى رأسها المملكة، استضافت الأشقاء السوريين، كما فعلت من قبل مع الفلسطينيين والكويتيين وغيرهم، إلاّ أنّ تهجير شعب بأكمله، بما يزيد على عشرين مليوناً، هو أمر فوق طاقة الدول المجاورة، كدول الخليج ولبنان والأردن وتركيا وغيرها، مما جعل هؤلاء يتجهون شمالاً نحو الدول الأوروبية، التي تبجحت في البداية بإنسانيتها، والتقطت الصور للاجئين ونشرتها في وسائل الإعلام المختلفة، لكنها توقفت وأقفلت حدودها، ونشرت عناصرها الأمنية على الحدود، بعد أن اكتشفت أنها أمام تدفق شعب كامل!
يبقى السؤال المقلق، وماذا بعد يا سوريا، بعد أن فتك الأهل بالأهل، وبعد أن دخل الغرباء المسلحون، تحت ألوية أحزاب تنتمي لدول الجوار، باسم الإسلام وهو باسم الطائفية البغيضة، هل يمكن أن تتسلل روسيا، التي دعمت بجانب إيران، النظام السوري طويلاً؟ هل ما رصدته الولايات المتحدة من هبوط طائرات هليكوبتر روسية حربية ذات فعالية ودقة عالية، في أحد المطارات التي يسيطر عليها النظام هو حقيقة؟ وهل روسيا تعمل فعلاً على الدعم النوعي للنظام في سوريا؟ وهل التقارير الأمريكية صحيحة، التي أكدت قبل ذلك على إرسال روسيا نحو 200 من مشاة البحرية، ودبابات قتالية، ومدفعية إلى سوريا؟ وهل تبقى أحد من الشعب الذي أنهكته الحرب وويلاتها؟ وهل تبقى مبان كي تهدّم؟ وهل ثمة بنية تحتية تنتظر المزيد من التدمير؟