د. عبدالعزيز الجار الله
كان الإعلام الغربي يتباهى والنيران تحرق قلب وأطراف الوطن العربي حين اشتعل الربيع العربي عام 2010م وحوّل كل من حوّله إلى هشيم دول، كان الإعلام الغربي يدّعي أو هي حقيقة أنّ أوروبا وأمريكا وراء ربيع العرب في: الفوضى الخلاّقة، الشرق الأوسط الجديد، الأطالس الجديدة. هذا الإعلام نفسه الذي يطلق أجراس الخطر والخوف من ما يسميه زحف اللاجئين والمهاجرين، يطلق الويلات وأصوات الهلع ليس لنزوح الفارين من الحرب في سورية والعراق أو بعض طالبي اللجوء السياسي، أو من هربوا من الفقر والجوع والتشرد داخل أوطانهم، بل يخشى الإعلام وتخشى أوروبا من عودة الهجرات السابقة إلى ما كانت عليه، الهجرات البشرية التي كانت تتم قبل تاريخنا الحديث، الذي يؤرّخ في نهاية القرن التاسع عشر وقيام الدول الحديثة بشكلها الحالي،حينما كانت الحدود سائحة، والإمبراطوريات والممالك الأوروبية قائمة على طول غرب المتوسط ومنها: بريطانيا، فرنسا، ألمانيا، الدولة العثمانية، قياصرة روسيا، اليابان.كانت كل دولة تلتهم ما حولها دون حسيب أو رقيب، مما جعل باب الهجرة مفتوحاً بين الدول، هذه الذاكرة التاريخية تخيف أوروبا وبخاصة أنّ روسيا دخلت بقوة في الصراع السوري، روسيا تضغط على الداخل السوري بخلق المزيد من المهاجرين بحراً باتجاه مياه البحر الأبيض المتوسط, وبراً باتجاه تركيا، وتركيا أيضاً ضغطت على اللاجئين للتحرك نحو أوروبا الشرقية ثم لأوروبا الغربية، إذن المخاوف التي يخشاها الغرب ليس من (120) ألف سوري وعراقي الآن هم على مشارف بلدان الاتحاد الأوروبي، هؤلاء يمكن استيعابهم عبر توزيعهم على (28) دولة في الاتحاد نصيب كل دولة حوالي (4300) من النازحين، أو على عموم أوروبا بشرقها وغربها بأقل من هذا الرقم، مخاوف الغرب من هجرات متوقعة:
هجرات وسط آسيا.
هجرات دول الشمال الأفريقي.
هجرات الصحراء الأفريقية.
هذه المسارات من المعابر الرئيسة في خط الهجرات التاريخية: تركيا معبر آسيا (الوسطى والصغرى), ليبيا شرقاً معبر طرف الشمال الإفريقي، طوق دول المغرب العربي والصحراء الإفريقية معبر للقارة الإفريقية بكل كثافتها السكانية، وهي مازالت صامدة إلاّ من بعض المتسللين.
إذن المخاوف الحقيقية أن تفتح المعابر أمام جميع المهاجرين ممن فروا من الحرب، الفقر، الاضطهاد، لتغرق دول الاتحاد وغير الاتحاد بالمهاجرين، وتؤثر سلباً: على التركيبة السكانية، الدينية، الثقافية، المعيشية لأوروبا.