فهد بن جليد
احتراف الأجهزة الأمنية، والطبية، والخدمية، والتنظيمية في - إدارة الحشود - خلال (موسم الحج) قضية مُذهلة على (مستوى العالم)، فأنت تتعامل مع (ملايين البشر) بثقافات، وجنسيات، وألوان، وأعراق مُختلفة، بل إنهم مُتغيرون في كل (موسم جديد)، وأنت مُطالب في (كل مرة) بالتفوق على نفسك، وما قدمته في العام الماضي؟!
العقل البشري لا يتصور كيف يُمكن التعامل مع هذه (الحشود)، التي ليس بالضرورة أن تكون مُتعلمة، أو تتحدث (بلغة واحدة)، غير لغة (لبيك اللهم لبيك) وهي تحاول القيام بذات الأعمال، في ذات الأماكن، وخلال أوقات مُحددة، مع تسهيل تحركاتهم، من الناحية المرورية، والأمنية، والصحية، وتأمين السكن، والمعيشة لهم في تحدٍ كبير، لمحدودية وقدسية (الزمان والمكان)؟!
لا يوجد في العالم تجمُع مُشابه، أو مناسبات بهذا الحجم، يتم خلالها بناء ثلاث مُدن (مؤقتة) يُقيم فيها الناس (لساعات فقط)، مع تأمين كل ما تحتاجه من (بنية تحتية) كهرباء، واتصالات، ومواصلات... إلخ، حالة فريدة تدل على مكانة وعظمة الشعيرة، وحجم الجهد المبذول، لهذه الغاية النبيلة، والتي تقدّمها المملكة العربية السعودية كجزء من مسؤوليتها العظيمة والجليلة في خدمة الحرمين الشريفين، وضيوفهما!
المُنصفون في العالم اليوم، يُشيدون بحجم هذه المشاريع الهائلة، في المشاعر المقدسة، والتي ساهمت في تفرّغ حجاج بيت الله الحرام للعبادة وأداء النسك على الوجه المطلوب، بعدما كان الحج في عصور، وسنوات مضت (رحلة شاقة ومُميتة) بسبب الزحام، وضيق المكان، ولكن المشاريع الجبارة والعملاقة، سهّلت من الأمور كثيراً!
سيبقى المشهد (مُذهلاً) مما يؤكّد أن توفيق الله وعونه، هو من يُحرك هذه الجموع البشرية التي تقف هذا اليوم على صعيد (عرفات الله الطاهر)، ثم تنتقل مع المغيب للمبيت في مدينة أخرى مجاورة (مُزدلفة)، وعند الصباح التالي تتحرك إلى (منى) للإقامة فيها (ثلاثة أيام), فيما يشبه (السيناريو الإسلامي) الذي يتكرر كل عام، والمشهد الذي يُحاك (بأيد سعودية) مُخلصة، تتفانى، وتتبارى لخدمة ضيوف الرحمن، لأداء مناسكهم، والقيام بأعمالهم، كما أمرهم الله عزَّ وجلّ!
وعلى دروب الخير نلتقي.