عماد المديفر
لم تكن التصريحات المتسارعة لـ«المرشد الأعلى للثورة الإسلامية» علي خامنئي فور وقوع مأساة تدافع الحجاج في مشعر منى، والتي راح ضحيتها المئات من الشهداء والمصابين، ولا تصريحات جوقته رموز نظام عمائم الشر والعبودية والظلام، لم تكن لتصدر من فراغ، فهي تأتي كامتدادٍ طبيعي لأهدافٍ ومحاولات بائسة خبيثة قديمة،
إلا أنها هذه المرة جاءت لتفضح نفسها، وتكشف عن أسلوب جديد!.
فمنذ قيام ما يسمى بـ«الثورة الإسلامية» نهاية السبعينات الميلادية، وسقوط إيران في مستنقع الرجعية والكراهية والظلام، ونظام الملالي لم يفتأ وهو يسعى لنشر الفوضى والقتل والإرهاب في مواسم الحج متى ما وجد الفرصة سانحة لذلك، مستهدفاً دماء وأرواح حجاج بيت الله الحرام، ليصل لهدفه المرحلي الخبيث في القول بأن المملكة العربية السعودية عاجزة عن تأمين أمن وسلامة الحج، وبالتالي تفريق كلمة المسلمين، ونشر الفتنة بينهم، وإضعاف شوكتهم عبر تأليب الرأي العام الإسلامي بعضه ضد بعض، وضد قبلتهم، وموئل أفئدتهم، ومهوى قلوبهم، بلاد الحرمين الشريفين، فيسهل لهم -بزعمهم- مد أياديهم النجسة لتدنيس مقدسات المسلمين.. تمهيداً -بحسب مخططاتهم الشيطانية- لهدم عرى الإسلام عروة عروة.
هذه المحاولات الخبيثة بلغت ذروتها في مواسم حج عام 1986 و1987، و1989، وفشلت فشلاً ذريعاً بفضل الله على أمة الإسلام، ثم بتوفيقه لرجال الأمن السعوديين البواسل، الذين أخلصوا لله وحده، فاستطاعوا بمَنِّه وكرمه وعونه لجم قوى الشر والقتل والتخريب والإرهاب، وعلم الجميع حينها ما تمتلكه المملكة من يقظة أمنية، وقوة عسكرية صلبة باسلة في الحق، تستمد قوتها من القوي العزيز الرحمن، ولا تألو جهداً في سبيل ما اصطفاها الله له وشرفها به من حراسة وحماية لحجاج بيته الحرام، وخدمةٍ لضيوفه الطائفين العاكفين الركع السجود، بل وارتدت هذه الأعمال الإرهابية الإلحادية الشيطانية الخبيثة، ارتدت على صانعها، وانقلبت نتائجها بعكس ما كان يريده النظام الرجعي القابع في طهران، نظام ما يسمى بـ«الولي الفقيه» أو «القائم بحكم الله على الأرض» بحسب ما يزعم أتباعه المغيبون، المعتقدون بأن هذا النظام التابع لـ«المرشد» إنما يتعبد الله بطاعته طاعة عمياء، وإتباعه، وأن هذه الطاعة وهذا الاتباع إنما هو واجبٌ على جميع المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، فهو -بحسبهم- الممثل والنائب عن «الإمام الثاني عشر الغائب» في الدستور الذي وضعه الدجال «الخميني» لجمهوريته عقب الثورة، والذي نص دستورها صراحة بأن: «ولاية الفقيه سلطة إلهية أعطاها الله للفقيه» فصار صاحب ولاية الفقيه هو المُشَرِّع وهو المعصوم، وهو القائم مقام الإمام المنتظر، وبالتالي فمن لا يؤمن بإمامته فهو منقوص الإيمان بإمامة «الغائب» ويعتبر «كافراً» بحسب عقيدة بعض من أتباع الإمامية الإثنى عشرية، التي بحسب فقهاء الشيعة، عقيدة محرفة عن الإثنى عشرية، لخدمة أجندة «المرشد»، وحرسه الثوري المصنف دولياً ضمن أبرز التنظيمات الإرهابية في العالم.
لقد ارتد كيد نظام عمائم الشر والإرهاب في جميع المحاولات الإرهابية السابقة في حق حجاج بيت الله الحرام، ارتد في نحورهم مصداقاً لقول العزيز الرحيم: وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ، وعلم المسلمون في أقطاب العالم أجمع ما تريده بهم قوى الإرهاب والضلال من شرور، بهدف الوصول لمبتغاها في السيطرة على مقدسات المسلمين، وحيث عرف أئمة الشر بأن طرق التفجير والإرهاب الظاهر انفضحت وانكشفت ولم تعد تجدي، خاصة في ظل وجود دولة قوية متيقظة أمنياً من أبناء جزيرة العرب، بلاد الحرمين الشريفين، منبع العروبة، ومهد الإسلام، يعضون على سيادتهم، ويحافظون على أراضيهم شبراً شبراً، سيادة كاملة، ويرعونها رعاية تامة بكل ما أوتوا من قوة، وحزم، وعزم؛ تفتقت ذهنيتهم الخبيثة على استخدام أسلوب آخر جديد، ألا وهو أسلوب حروب الجيل الرابع، عبر الاعتداء على أمن وسلامة الحجاج بطرق غير تقليدية، وهو ما يفسر سعيهم الدؤوب خلال السنوات القليلة الماضية إلى محاولات الدخول للمملكة في مواسم الحج بطرق غير مشروعة، سواء عبر التهريب، أو عبر تأشيرات أو جوازات مزورة، أو غيرها من الطرق، والتي نجحت المملكة في اكتشافها وإحباطها في حينه، وكانت في كثير من الأحيان لا تعلن عن ذلك بهدف المحافظة على لحمة المسلمين، والابتعاد عن أي أمر يشق صفوفهم أو ينشر الفتنة بينهم.. إلا أن هذه القوى الشيطانية لم ترعو، فهي لا تعرف إلا الغدر والخبث والخسة والخيانة.