محمد بن عبدالله آل شملان
إنني لست من هؤلاء القادرين على الإمتاع والإبداع.. ولكنني أجد في مثل هذه النفثات راحة نفسية هي راحة الإفضاء وأحسبني أجد في هذه النفثة،شيئاً آخر يهمني جداً، هو أن تكون أيضاً تحية للملك سلمان، الذي حمل الحزم معه كثيراً، وعزم كثيراً، وصحب معه الخير كثيراً، ليكون هذا القلم الواهن قادراً على شيء من التعبير.. إذن فلتكن هذه الكلمة لمسة وفاء معلنة لمقامه الكريم.
سيدي خادم الحرمين الشريفين:
يا قبطان سفينة الخير والعطاء والنماء، أهديك التحية.. تحية بعدها تحية.. وسلاماً بعده سلام.. لمقامك العلي يجل أن يرفع إليه مثلي فقد عرفناكم متواضعين في علاكم، قريبين مع اعتلاكم.
ها أنت بعد كل هذا المشوار الذي منحه إعمال فكرك.. وسمو توجيهاتك.. وسهر عينيك.... وعرق كفيك.... وخريطة طموحك الأمنية والوقائية والتنظيمية والخدمية والمرورية.. ينقضي واحد من أكبر مواسم الحج بكل نجاح وبكل جدارة وبكل تفوق وبكل اقتدار.. وبدأت عودة حجاج بيت الله الحرام إلى أوطانهم، بعد أن منّ الله عليهم بأداء الركن الخامس للإسلام.. وبعد أن قضوا أياماً معدودات في ضيافة الرحمن، أدوا خلالها مناسكهم وشعائرهم في طمأنينة وسكينة.
سيدي خادم الحرمين الشريفين:
أيام جميلة رائفة، منحها الله لنا، إذْ أكرمنا بمد أعمارنا لنكون من الأحياء الذين قصدوا بيت الله الحرام.. وطافوا به.. وصلَّوا في رحابه.. وصعدوا إلى الصعيد الطاهر في عرفة (يوم الحج الأكبر).. وتنقلوا بين بقية المشاعر.. واستنشقوا هواءها واستمعوا إلى تغريد أطيارها، إنها فاتحة رائعة، وفرصة جديدة وُهِبت لنا،كانت أياماً جديدة من أيام الله لا تشبه الأيام الماضية، لأنها حديث، وأحداثها لن تشبه أحداثاً سابقة.
آ يات تجلّت في ذلك العقد الفريد الذي يتلألأ على هذه الأرض التي أشرق منها النور، ليهدي الإنسانية صراطاً مستقيماً يزيل حجب الظلام وأستاره ويضع الإنسان في المنزلة الكريمة التي اختصه الله بها دون سائر مخلوقاته.
سيدي خادم الحرمين الشريفين:
هُنَا -من هذا الوطن- نقطة الضوء دائماً، فلقد حدَّدت كلمتكم الضافية -يرعاكم الله- الموقف والفعل اتجاه الإعلام الجديد والتحديات المحيطة بالأمة، والتي ألقاها نيابة عنك مستشاركم الملكي صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة، في حفل افتتاح مؤتمر مكة المكرمة الـ 16 الذي نظمه رابطة العالم الإسلامي تحت عنوان « الشباب الإسلامي: والإعلام الجديد»، يوم الأربعاء 2 من ذي الحجة 1436هـ، تلك الكلمة الرائفة والتي أثرت في الحضور والمستمعين والمشاهدين لها. الذي جاء معها وبعدها الوعي بالواقع والتخطيط للعلاج لمواجهة المد المتواتر، ومجابهة هذا الغزو الجائر، لصد الخطر ودحر العنوان، مبشراً معك أن العالم كله يقوى ويتحد وعدم إغفال تحديات الحاضر والمستقبل وطبيعة الأرض التي يمشي فوقها وكذلك الأشواك التي توضع في طريقها.
فنحن معك -رعاك الله- في قولك: «إن الشباب هم الثروة الحقيقية في كل أمة، فهم الأغلبية عدداً، والطاقة الناشطة المتجددة دوماً، التي تمثل عصب التنمية وذخيرتها، في عالم يشتد وطيس التنافس بين الأمم، لبناء حضارتها على اقتصاد المعرفة الذي أصبح لغة العصر بلا منازع، ومن يتخلف فقد حكم على نفسه بالقعود خلف مسيرة القافلة». ونحن معك أيضاً عندما قلت قول الحق: «لقد وجد الضالون والمضللون، وكذا الحاقدون المغرضون على الإسلام والمسلمين غاياتهم في استقطاب الشباب واختطاف عقولهم والتغرير بهم عبر هذا الإعلام الجديد، إما لانتهاج التطرف في دينهم أو الانسلاخ عنه، حتى رأينا -بعين الأسى- بعض شبابنا - في عمر الزهور - يساقون إلى تفجير أنفسهم في أكثر من موقع لبيوت الله ويقتلون الركع السجود، وفي المقابل رأينا بعض الأقلام المأجورة الموتورة تركب الموجة فتتهم الإسلام بأفعال هؤلاء وتدعو إلى الانسلاخ عنه «.
ومن بحر تلك الكلمة نرى مضيك وعزمك وإرادتك الواثقة والواعية.. لتأكيد أهمية العمل على إدراك حجم المخاطر المحدقة بنا، ووضع سياستنا على أسس علمية ومنهجية تعرف كيف تسخر الجهود والطاقات وتوظفها لخدمة الأهداف الكلية. فقلت بالوعي والمتابعة الدقيقة -ألبسك الله سربال الصحة والعافية - « يتوجب على أمة الإسلام أن تؤهل شبابها: علماً وتقنية وفكراً، بما يمكنها من تحرير موقعها الريادي في عالم اليوم، استئنافاً لدورها التاريخي في سالف عهدها. وبموازاة ذلك، عليها تحصين مسيرتهم عقائدياً، بالتزام منهج صحيح الإسلام، القائم على الوسطية والاعتدال ونبذ التطرف والغلو والمغالاة، وما يترتب على ذلك من عواقب وخيمة على الأمة، ويشوه صورة ديننا الإسلامي القويم في عيون الآخرين. كما عليها تحصينهم وتحذيرهم -في الوقت ذاته- من الانصياع لدعاوى الانسلاخ عن الدين، والطعن فيه واتهامه بالتطرف والجمود والتخلف». تلك الكلمة التي تعلمنا منها أن الإسلام الذي نباهي به، وندخل به التحدي بثقة واحترام هو إسلام العقيدة الصحيحة، والإيمان الخالص الذي لا تكتنفه خرافة، ولا يتطرق إليه وهم، ولا تنال منه شبهة. وهو إسلام الشريعة الكاملة الخالدة التي تهدي الناس في حياتهم كلها. وهو إسلام الدعوة إلى الحق، والخير والنور.. وتلاقياً مع ما حددتموه من موطن الداء والتحديات التي الأمة ومتطلباتها الحكيمة قلتم -رعاكم الله-. من على غير موعد.. وسط ظلامات كثيفة وعداد الأيام يهرول نحو نهاية العام الهجري مخاطباً الحضور: « وها هي أمتكم تتطلع إلى القول الفصل منك بوضع إستراتيجية شاملة ملزمة لنا جميعاً، دولاً وحكومات وأفراداً، في مواجهة هذه الفتنة الكبرى».
سيدي خادم الحرمين الشريفين:
هذا هو سبيلك الذي اختاره الله لك.. واختاره لأبناء وطنك.. تسيرون فيه بخطى ثابتة نحو واجبكما الأسمى.. بأن تكونوا حرّاساً للمقدسات.. أمناء عليها.. تجعلونها مكاناً فسيحاً رحباً تلتقي عليها الجموع المؤمنة في جو إيماني آمن.. لا تلفتهم عن صلاتهم ونسكهم صيحة ضالة في واد أو نفخة في رماد.. هذا هو سبيلكم تدعون على بصيرة لا يضركم من ضل إذا اهتديتم إلى الحق، الذي لا يزيغ عنه إلا طامع أو حاقد أو حاسد.
فمن أرض وطنك.. خرجت أفواج النور لتقهر الظلم والظلام وتقدم للبشرية كلها الدواء الشافي لآلامه وحصن المستقبل لها ولأجيالها، على أرض وطنك.. أضاءت أنوار الإسلام ظلامات الجاهلية وصنعت فجراً جديداً من الأمل وأنهت معاناة الإنسانية في بحثها عن الحقيقة، من أرض وطنك.. اطمأنت الإنسانية وسكنت نفوسها وقلوبها بعد أن استراحت من عناء البحث الطويل، وأصبح القرآن الكريم هو الهادي، وهو ناموس الحياة الأعظم، وهو أساس الفكر الصحيح!.
سيدي خادم الحرمين الشريفين:
لقد كانت لحظة تاريخية رائعة مؤثرة تلك التي عشناها عبر التلفاز وعاشها -حقيقة- الذين التفُّوا حول والدهم وقائدهم وأنتم -يا رعاكم الله- تدشنون في قصر الصفا، في العشر الأواخر من رمضان، خمسة مشروعات ضمن التوسعة السعودية الثالثة للمسجد الحرام بمكة المكرمة، وما أروع ما وصفتم به مرحلة النمو الكامل ومحطات البلوغ الناضج عندما قلتم لاحقاً في مناسبة أخرى: «إن المملكة يتشرف ملكها ليكون خادماً للحرمين الشريفين، وهذه الدولة في خدمة البيتين الشريفين»؛ فأي بيان مهما تسامى في التعبير يرقى إلى ترجمة تلك المشاعر الفياضة التي كنا نرقبها معك ويعيشها الذين حولك خلال تلك اللحظة المؤثرة التي لا يحاكيها سوى خفقات القلوب وعبرات الأعين.
سيدي خادم الحرمين الشريفين:
لا أريد في رسالتي هذه الحديث عنكم، ولكني أكتب رسالة حق للتاريخ، وأكبر الظن.. إلى رسالة حقيقة تقال عنكم.
وطننا -الذي هو وطنكم- تهيأ لدور ريادي شامل في المنطقة العربية والإسلامية بعد أن تكاملت حيثياته سنة بعد أخرى، وتضافرت الجهود العفوية على تقويته وإنهاضه وإقناع الناس به. ووقف وطنك -الذي هو وطننا- بعزيمة وثبات وقدرة فائقة على الصبر والمعالجة بحكمة وحسم وحزم في أحلك أزمة مرت بها الأمة العربية والإسلامية أمام أطماع إيران (القاتلة). وكيف لا يكون لنا هذا الدور؟! ونحن نرسي دعائم خطانا الحضارية والتنموية برؤية واضحة ومتابعة جيدة للمنجز النهضوي العالمي بجميع أطيافه، ثم لماذا لا يكون لنا هذا الدور ونحن نملك قدراً كبيراً من النضوج العقلي التي تمر به الشعوب في مرحلة بنائها؟!.
سيدي خادم الحرمين الشريفين:
هناك لحظات من السعادة تتجدد باستمرار في مواسم معينة، من هذه اللحظات بل ومن أسعدها، تلك إلى نتابع فيها انتماءكم العربي والإسلامي الأصيل للملكة العربية السعودية التي تترجمه دائماً مواقف عملية ثابتة لدعم الأشقاء ونصرة قضايا الأمة بكل السبل وعلى كافة الأصعدة والمستويات والسعي الدائم لتحقيق التضامن الذي يكفل لها القدرة والقوة على مواجهة التحديات الراهنة التي تحيط بالمنطقة وتشهدها الساحة الدولية.
إن هذه المواقف المبدئية الثابتة للمملكة ومنطلقاتها الخيرة اتجاه الأشقاء تظل الركيزة الأساسية لمسيرة الأمم واستقرارها وتأتي المساندة القوية والفعالة من المملكة بتوجيهك واهتمامك -أيدكم الله- لقضايا الأمة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية والسورية واليمنية لهي ترجمة حقيقية لكل المواقف الناصعة لهذا الوطن الطيب.
سيدي خادم الحرمين الشريفين:
يا ابن عبدالعزيز، لا ننسى ونحن في غمرة البهجة والفرحة والحبور بإتمام مناسك حجنا -والحمد لله تعالى على كل حال- والذي نلمحه على قسمات وجوه أبنائنا وإخواننا وأقاربنا وعشائرنا، أن نتساءل كيف أعطى والدكم العزيز (عبدالعزيز) -طيب الله ثراه- لأبنائه هذا الزخم من أحاسيس الأبوة؟!!.. وكيف وفَّر لهم هذا الكم الكبير من مشاعر الحنان والواجب والحلم الواقع؟!! .. وهو الذي قال: «أنا وأسرتي وشعبي، جند من جنود الله، نسعى لخير المسلمين». وهو القول الذي يبعث الدفء شتاء.. وحنوَّاً يبعد الصيف عن الهجير.. حتى جاء القطاف إحساساً مثمراً.. وشعوراً باهراً.. بأنكم -رعاكم الله- وأبناء هذا الوطن -رعاهم الله- جزء من هذا الكل الرائع المتماسك الذي يؤلف مجموعة المملكة العربية السعودية.
هذا هو وطنك: الإنسان والأرض.. إذا أسندت له مهمة في موسم الحج.. انبرى كياناً.. قوياً.. كبيراً.. تحول إلى كتل من المشاعر الوظيفية والإنسانية.
هذا هو وطنك: الإنسان والأرض.. تشعله الكلمة.. يلبي النداء.. يتحول إلى صور ناصعة ورقي استثنائي لا يحتاج لشرح أو تفسير أو تحليل،ة إذ تنطق بالمضمون دون مبالغة يعجب بها عيون الرائين سواء من الداخل أو الخارج..
هذا هو وطنك: الإنسان والأرض.. يحكي قصصاً في التضحية والإيثار.. ويسطر أجمل مشاهد الجوانب الإنسانية المضيئة التي تعكس النبل والثقافة العالية في التعامل مع ضيوف الرحمن وخدمتهم.
هذا هو وطنك: يندفع شيباً.. وشباباً.. يقدم روائع المبادرات الإنسانية بعيدة كل البعد عن الفوارق العرقية والسياسية.. التزاماً براية التوحيد.
وسيظل هذا الوطن: الإنسان والأرض.. كبيراً.. بشكل مباشر على الأرض في تنفيذ الخطط الأمنية.. وإدارة الحشود.. ومثالية التعامل ووضع الإنسانية شعاراً أساسياً.
وسيظلون لوطنك الوفي أوفياء.. يشدون عضده.. ويقيلون عثرته.. وسيحفظون لمن تأت به الظروف من الموقف موقفاً يحفظ لهم في ذاكرة التاريخ كل شيء.
سيدي خادم الحرمين الشريفين:
يا ابن عبدالعزيز، من واقع الإنجازات وحركة العمل المتواصلة على أرض مكة المكرمة والمدينة المنورة والمشاعر المقدسة يمكن لأي إنسان -مواطناً كان أم زائراً- أن يستشرف ملامح المستقبل الذي ينتظرها -كلها- تطويراً ورقياً، وها أنت -رعاكم الله- تصرون على ذلك بقولكم أثناء استقبالكم المهنئين بالعيد من الأمراء والفضيلة العلماء وقادة القطاعات العسكرية وقادة الأسرة الكشفية في المملكة المشاركة في الحج، في قصر منى، يوم الخميس 10 ذي الحجة 1436هـ: «فإن تطوير آليات وأساليب العمل في موسم الحج لم ولن تتوقف -إن شاء الله-، وقد وجهنا الجهات المعنية بمراجعة الخطط المعمول بها والترتيبات كافة والأدوار والمسؤوليات المناطة بمؤسسات الطوافة والجهات الأخرى وبذل كافة الجهود لرفع مستوى تنظيم وإدارة حركة ومسارات الحجيج بكل يسر وسهولة، وسيتم العمل -إن شاء الله- على تذليل كافة المعوقات والصعوبات ليتسنى لضيوف الرحمن أداء مناسكهم في راحة وطمأنينة، فواجبنا كبير ومسؤوليتنا عظيمة في خدمة ضيوف الرحمن وهو شرف نعتز به، نسأل المولى عز وجل أن يأخذ بأيدينا ويوفقنا جميعاً في أداء هذه المهمة العظيمة الجليلة». لقد عبرتم -يحفظكم الله- عن هذه المساحة العريضة من الخير بالإنجاز العملي،مجسداً هذا النهج الذي أفاض بالخير في كل بقعة من أرجاء الوطن، تتقدمهما خصوصية الرعاية لمكة المكرمة والمدينة المنورة والحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة في إطار رسالة هذا البلد الطيب في خدمة الإسلام والمسلمين ورعاية ضيوف الرحمن.
سيدي خادم الحرمين الشريفين:
لقد راقبنا أيها المليك -الذي نحبه ونجلّه- ملامح قسمات وجهك وحشرجات صوتك المحزون وأنت ملتف بحزمك وعزمك وقوامك الداخلي للحادث الأليم (حادث التدافع) خلال أداء شعائر الحج في منى، بالقرب من مكة المكرمة الذي راح ضحيته حتى الآن حسبما صرّح به معالي وزير الصحة المهندس خالد بن عبدالعزيز الفالح 769 و934مصاباً، فقلت بالأسى: « أعزي نفسي وأعزيكم وحجاج بيت الله الحرام في ضحايا حادث التدافع الذي وقع صباح هذا اليوم (أمس) بمنى،كما أعزي ذويهم، سائلاً المولى سبحانه وتعالى أن يتقبلهم من الشهداء وأن يمنّ على المصابين بالشفاء العاجل. إن هذا الحادث المؤلم الذي وجهنا الجهات المعنية بالتحقيق في ملابساته والرفع لنا بالنتائج في أسرع وقت ممكن لا يقلل مما تقومون به من أعمال جليلة لخدمة ضيوف الرحمن ليؤدوا مناسكهم بيسر وراحة وسكينة».
أيها المليك المبجل.. لا نخفيك سراً.. أن العقلاء منا بل من العالم أجمع لا يعيرهم الاندفاعات الطائشة وأوهام الأحلام البائسة وفحيح الأفاعي السامة والهرطقة الإعلامية التي تظهر بعد كل حادثة قضاء وقدر في الحج -دون إغفال الأسباب- داخل عباءة المصالح الشخصية رغم لبوسها المستمر في الحرص على المصلحة العامة في نطاقها الضيق أو القومي والشعبوي، بحجب جهود المملكة في خدمة ضيوف الرحمن. فنحن نعتبرها أحاديث ذاتية.. تدور حول ذواتهم وخصوصي اتهم وأشجانهم؟!.
قائدنا الملهم (سلمان): لقد رفَّت قلوبنا جذلى بترانيم الخير التي ترددت صداها من أعماقنا، وكنته أفئدتنا، وفاضت به مشاعرنا، وتدفقت به أحاسيسنا. فنطقت بلساننا.. حاجاً بعد حاج.. وزغردت كما الطير الذي ينتشي بالربيع!، فعبرت عنا، وعزفت أنشودة الشكر والامتنان في كلمتك الجامعة -يا رعاك الله-:
«في هذه المناسبة المباركة لا ننسى إخوة لنا يذودون عن وطنهم الغالي ويضحون بأرواحهم في الدفاع عن بلادهم فهم وأنتم بعد الله حماة الوطن ودرعه الحصين، ووطنكم يقدِّر ما تقومون به من أعمال وما تسجلونه من بطولات وما تقدمونه من تضحيات، تذودون عن حياضه، وتصونون سيادته، وأعمالكم الجليلة وسام فخر لكم ولوطنكم الذي يعتز ببطولاتكم، فبارك الله فيكم رجالاً أوفياء، وحماة صادقين وأبناءً بررة أحفاداً لأولئك الآباء والأجداد الذين ساروا خلف قائدهم موحد هذه البلاد الملك عبدالعزيز -رحمهم الله جميعاً-، ونحن بعون الله تعالى نؤكد مضينا على ما ساروا عليه دفاعاً عن ديننا وبلدنا من مطامع الطامعين وكيد الكائدين وإفساد المفسدين». وما أحوجنا ما نكون في ذا الوقت بالذات إلى التمسك بالوحدة الوطنية وإلى أن نكون في مستوى المسؤولية لحماية أمن واستقرار حياتنا.
سيدي خادم الحرمين الشريفين:
لك الحب نمحصه حبا بحب.. ولك الوفاء نغرسه في كل القلوب ليتصل بالقلوب.. ولك منا الدعاء كل الدعاء بأن يحفظك إماماً يعلي بناء المجد.. وأن يبقيك حساماً يذود عن الدين والعرض.. وأن يديمك علماً يرفرف فوق هاماتنا.. لا تحركه إلا نسائم العز.. ولا تخفق حوله إلى نسمات الخير والنصر.. مستعينا بالله تعالى ثم بعضدك وساعدك الأيمن ولي عهدك الأمين وزير الداخلية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز آل سعود، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء. وأن يجزيكم جميعاً عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.. وأن يتولاكم المولى بحياطته، ويحرسكم تحت جناح السلامة برعايته، يقول الله تعالى: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللّهَ فَعَسَى أُوْلَئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ} (18) سورة التوبة.
دعاؤنا أيضاً بأن يدرأ عنكم وعن وطنكم ووطننا كيد الكائدين، وحسد المغرضين، وتكالب المتحزبين المؤلبين. وأن يحطم همم أعوان الشيطان من الفئات الضالة، وأن يحفظ عليه أمنه وتضامنه ووحدة صفه وتكاتفه، وأن يوفقنا جميعا إلى خدمة ديننا والرقي بوطننا، إنه نعم المولى.. ونعم النصير.. وهو على كل شيء قادر وقدير.