د. عبدالعزيز الجار الله
الاستباقية هو العنوان الحقيقي لمحاربة الإرهاب، والعمليات الأخيرة للأجهزة الأمنية السعودية التي نفذتها وكشفت عنها تأكد أن الحرب على داعش مستمرة وبلا هوادة، الخلية التي كشف عنها في الدمام والرياض بعمليات متزامنة نتج عنها قتيلان من المطلوبين والقبض على ثلاثة في مواقع مختلفة بالرياض والدمام فتعد إحدى عمليات الوقاية وإفشال الخصوم، في مشهد آخر حركت روسيا طائراتها تحت غايات عدة ليس أقلها حماية بشار الأسد، لكن المعلن هو الحرب على الإرهاب، بالقول حتى لا تهاجم الجماعات الإرهابية أراضيها انطلاقاً من سوريا أو تكون تجمعاً للقوى المعارضة من ثوار الشيشان وباقي دول آسيا الوسطى التي كانت ضمن الاتحاد السوفيتي قبل أن يتفكك، والغرب تحرك لحرب داعش: أمريكا، فرنسا، بريطانيا، ألمانيا، حتى كندا وأستراليا وهما أبعد ما يكون عن سوريا شاركتا بحرب داعش باعتبار الحرب شاملة.
إذن هي الحرب الاستباقية على الإرهاب، والأجهزة الأمنية في بلادنا تبادر ومنذ وقت طويل بالعمليات الاستباقية ليس في الإرهاب والتطرف، بل في حرب المخدرات وعمليات تخريب الاقتصاد من تزوير وغسيل أموال، وما الأربع العمليات الاستباقية في الدمام والرياض إلا واحدة من جملة عمليات للوصول إلى المخططين قبل تنفيذ عمليتهم. والذي زاد من حرارة المواجهة مع الإرهابيين إظهار صورهم الحالية لحظة القبض عليهم، في هيئتهم التي هم عليها والكشف عن أسمائهم كاملة ومحاورة ذويهم وأقربائهم، بدلاً من التعامل الإعلامي السابق الذي يظهر بعضهم بالصور الشخصية الرسمية، والإشارة لهم بحروف رمزية وصفات مهنية مثل الخلية الأكاديمية، باعتبارهم تحت التحقيق، علماً بأن بعضهم صدرت بحقهم أحكام وما زال تحت رمزية الحروف والخلية الأكاديمية.
نحن في طرح سياسي جديد, مستجدات في الفكر والأيدلوجيا والتشكل الاجتماعي، ليس في بلادنا فقط، بل في الخليج والوطن العربي - وطن الربيع والا ربيع - العالم يكاد يعيش التشكل الجديد، وربيع العرب هو الذي سرع في التشكل السياسي والاجتماعي، لذا لا مجال للعمل بالآليات السابقة (القديمة) حين كانت الجماعات الإرهابية خلايا متباعدة تعمل عن بعد من أفغانستان أو الصومال أو حتى من اليمن كما كان عمل القاعدة، الآن مع داعش الظرف مختلف ومغاير، داعش تملك السلاح والدول وقريبة متاخمة لحدودنا، وتجتمع قرب حدودنا دول عظمى هي من دول مجلس الأمن الخمس الكبرى لها أهدافها وغاياتها، لذا الحرب على الإرهاب سيكون مختلف تماماً عن مواجهات القاعدة.