د. خيرية السقاف
يوم المعلم، ..
ولأنّ كل الأيام منه، فهي له، وإليه..!
ذلك لأنّ المعلم عنه تنبت فسائل الحياة في العقول..
هو المزارع، المكافح، الحارث، السَّقاء،
والحصاد لغيره ..!!
العرب عنيت كثيراً بالمربين المعلمين،
إذ لم يكن يخلو مجلس، ولا دار ولا حلقة دون وجوده،
والكل يلتف حوله ..!
لم يكن يقف في المقدمة، بل كان المتلقّون يلتفّون حوله..!
تماماً كما يُظن الآن بأنّ الغربي من ابتدع هذا الشكل لكيفية تنظيم الصف للدرس!!
لكن الحقيقة أنّ كل أُسس التعليم نبعها الجذر من هنا،
من مدرسة محمد بن عبدالله، وفطرة خيار الناس، من اختارهم الله تعالى ليكونوا خير أُمّة أُخرجت للناس..
ذلك لأنّ من خَلقهم تعالى قد اصطفى لهم السجايا،
ومكَّنهم من أنبلها، وأصفاها، وأخيرها، وأنقاها،
وسيَّرها لهم في نجع من السلامة، والاستقامة،
وحفظها لهم في قالب من النور المبين، بوعي البصيرة، ومتانة الأصل، ..
فشربوا من معينها، واهتدوا بنورها، فأصبحت مسالكُهم مقصدَها، ومظهرها.
فيوم واحد للمعلم لا يمنحه حقه، ولا يفيه دوره..
كل الأيام له،
لأنّ كل الأيام تدور، وهو فيها القبطان،
وهو فيها محور الدائرة،
وهو فيها التربة، والمحراث،
والنبع، والدّلو،
والدِّرع، والمجداف،
والمفتاح، والباب،
والوجهة، والبوصلة..
بل هو نقطة بدء الحرف في البناء،
وآخر نقطة في رسم الرقم في المنجز.
تحية لوزارة التعليم مبادراتها القيِّمة،
ولكلِّ معلم أعطى وأخلص،
ونسي نفسه فدمجها بالآخر،
ولم يترك في قيعانه قطرة دون أن يمنحها ثم يثريها،
ولم ينم دون أن يستزيد، ولم يُصبح دون أن يَمنح..
تحية لورثة الأنبياء مشاعل المدنية، وحضارة الأمم.
وفخرٌ أن تكون معلماً،
لعلك أن تحظى جوار خير رسل العلم عليه أفضل الصلاة، والسلام بمقعدٍ،
فيما أنت هنا يتحلّق حولك المريدون لينهلوا،
فامنح زلالاً، وامتح صافياً ..
ولا تنتظر يوماً، فكل الأيام لك.