د. عبدالعزيز الجار الله
الدورات الاقتصادية التي تمر بها الدول يبقي أثرها على السكان، في بلادنا مرت علينا حتى الآن الدورة الاقتصادية الأولى - الطفرة والتنمية الأولى - عام 1395- 1975، حتى عام 1985م، لمدة عشر سنوات، أما الطفرة الاقتصادية الثانية، فقد بدأت عام 2003م واستمرت حتى عام 2014 م حوالي (10) سنوات وصلت قيمة البرميل إلى أعلى مستوياته (100) دولار، في رقم خيالي لم تصل فيه أسعار النفط إلى هذا الرقم، والعوائد المالية أغرقت خزينة الدولة بأرقام تاريخية لم تصل لها وزارة المالية، فنتج عنها مشروعات ووفورات مالية، ونتج عن الطفرتين أن تغير وجه المملكة الحضاري والاجتماعي والاقتصادي والعمراني ورافق كل دورة تغيرات:
أولاً : الدورة الاقتصادية الأولى أبرز ملامحها التنمية العمرانية، حيث كانت بلادنا تغط في عالم العمران الطيني غارق نصفها بالبيوت الطينية الملتصقة والشوارع الترابية الضيقة، ونصفها الآخر بيوت الفلل الصغيرة والعمائر ذات الأدوار المحدودة، فتحولت بلادنا وعلى وجه السرعة، إلى نظام العمران الصبة الخرسانية ذات الطرز المعماري الأوروبي، لتصبح المدن والقرى متساوية بفضل الله ثم بفضل صندوق التنمية العقاري، وتحوّلت العمائر بأدوارها الأربعة إلى عمائر شاهقة واجهاتها زجاجية، بمعنى أنّ المجتمع انتقل من مرحلة العمران الطيني والطراز الشعبي المحلي إلى الطراز الأوروبي بصورة شاملة المدن والقرى والضواحي، فكان عنوان الطفرة الأولى تحولات المساكن.
ثانياً: الدورة الاقتصادية الثانية: أبرز ملامحها المدن الإنتاجية ومباني الأبراج العملاقة ومشروعات القطارات، لكن كانت الأبرز المدن الإنتاجية، حيث جاءت على شكل حزمة من المدن:
المدن الجامعية.
المدن الطبية.
المدن الصناعية.
المدن الاقتصادية.
المدن المعرفية.
خلال هذه الدورة تم إنشاء مدن متعددة، ضخّت فيها الأموال من أجل بناء البنية التحتية للمراكز الأساسية الصحة والتعليم والصناعة والاقتصاد والتطوير، وحدثت نقلة من حيث البناء لهذه المشروعات أصبح بعضها قائماً أبرزها المدن الصحية والجامعية والصناعية، حققت أهم أهدافها العليا.
والسؤال: هل سنبقى على ما تحقق بانتظار ما يقوله خبراء الاقتصاد انتظار الدورة الاقتصادية القادمة التي تتم كل (33) سنة، أي انتظار الدورة الثالثة ما بعد 2040م؟.
نحن بحاجة إلى تشغيل واستثمار الدورة الثانية وما أفرزته من المدن الإنتاجية استثمار مدن الجامعات والطبية والصناعية والمعرفة، وتحويلها من مدن استهلاكية إلى مدن استثمارية، لدينا بنية تحتية قد لا تجعلنا بحاجة إلى انتظار سنوات الطفرة النفطية.