يوسف المحيميد
مؤخراً وصلت إلى قناعة بأن الرياضة لا تنافس السياسة في ألاعيبها وخدعها وفسادها فحسب، وإنما تتفوق عليها، بل وتمتلك أعتى الديكتاتوريات في العالم، بما يضاهي أنماط ودسائس الدكتاتور التي سمعنا بها، وقرأنا عنها في الدول العربية ودوّل أمريكا اللاتينية وغيرها.
قبل أيام تم نشر خبر مهم، يؤكد بأن لجنة الأخلاق التابعة للاتحاد الدولي لكرة القدم، قد أوقفت جوزيف بلاتر، رئيس الفيفا، والفرنسي ميشيل بلاتيني رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، لمدة تسعين يوماً، بسبب فضيحة فساد، ما يعني إيقافهما عن ممارسة أي نشاط كروي محلياً ودولياً، ولعل هناك اتحادات أخرى هي أكثر حاجة إلى وقوف الادعاء العام من أي دولة في قارتها أمامها، بعد ضبط قضايا فساد وتلاعب معيبة في هذه القارة أو تلك!
نحن بحاجة إلى ادعاء عام نشط وفاعل كالادعاء السويسري الذي فتح تحقيقاً جنائياً الأسبوع الماضي مع جوزيف بلاتر للاشتباه بإدارته غير الشرعية وسوء الائتمان، فهذا قد يطهر اللعبة الأكثر جنوناً في العالم، أعني كرة القدم، فهي تشبه الحرب في المسطح الأخضر، منتخباتها كالجيوش، وأهدافها قذائف قاتلة، وجمهورها هم شعوبها، وهؤلاء الذين يقودون الاتحادات هم رؤساؤها، الذين نجد بينهم القوي والضعيف، الدكتاتور والديموقراطي، وهكذا!
لكن ما يختلف في هذه اللعبة هو أن ثمة رئيساً لجميع الرؤساء، أي رئيس للعالم، ومعظم متابعي وعشاق هذه اللعبة يشعرون بفساده وتنفذه، وقدرته الرهيبة والغريبة على البقاء في منصبه. وإزاحة جميع منافسيه ببساطة، حتى أصبحت انتخابات الفيفا أشبه بأكاذيب رؤساء الجمهوريات العربية الذين يبقون نصف قرن على كراسي العرش، والفوز على المنافسين بنسبة 99.99 من المصوتين، وبطريقة تثير الضحك والسخرية!
ولعل من بين المنافسين رئيس الاتحاد الهولندي فان براغ الذي انسحب نتيجة تعرضه لمحاولات ابتزاز واحتيال، مما يعني أن ثمة لعباً مكشوفًا يتم على أعلى مستوى رياضي لكرة القدم في العالم، وهو لا يختلف عما يسمى الانتخابات الرئاسية في بعض الدول المتخلفة!
لا شك أن العالم كله، والجماهير الضخمة المهووسة بهذه اللعبة الجميلة، يحلمون بمستقبل مشرق لها، يقوده اتحاد دولي نزيه ونظيف، هدفه الأول والأخير نجاح هذه اللعبة وتطورها في مختلف دول العالم! فهل هذا الإيقاف والغرامات لأشهر شخصيتين في إدارة الكرة، بلاتر وبلاتيني، سيكون مؤشراً لعهد جديد ومختلف لكرة القدم؟ أتمنى ذلك.