يوسف المحيميد
لم تكن تصريحات المسؤولين الإيرانيين مستغربة بعد حادثة منى، ومطالبتهم حسب شبكة «روسيا اليوم» بالمشاركة في التحقيقات، وليس مستبعداً إطلاقاً دورهم الخفي، رغم أنني لا أطيق التفكير بحس المؤامرة، وأرفضه تماماً، وكتبت قبل أمس في هذه الزاوية تحت عنوان «حادثة الشارع 204» عن أهمية البحث عن أسباب الحادثة وضرورة تقصي ذلك، ومعاقبة المتسبب بذلك، وأشدت بفرق التحقيق التي تم تشكيلها، لكن الاستعراض التاريخي للفوضى التي تبثها إيران في مواسم الحج، منذ المجزرة الشهيرة عام 1987 التي راح ضحيتها نحو 85 شخصاً من رجال الأمن السعودي والمواطنين السعوديين، جراء المظاهرات السياسية العنيفة التي قامت بها حملات الحج الإيرانية آنذاك، وحتى ردود الفعل الرسمية العنيفة لإيران على حادثة هذا الحج 2015، يكشف أن الأمر لا يحتاج إلى الكثير من التحليل، خاصة أن التصعيد السياسي الإيراني مؤخراً، وتدخلاتها المباشرة وغير المباشرة في الشؤون الداخلية للدول العربية أصبح علنياً ومكشوفاً، وخسارتها وأتباعها في اليمن باتت مؤلمة لها، حتى أصبح صراخها بحجم الألم الذي تعاني منه!
في حادثة منى هذا العام نجد أعداد الوفيات حسب الجنسيات متنوعة وفق تقارير غير رسمية، ففي حين توفي سبعة باكستانيين، وأربعة عشر مصرياً، كانت وفيات الإيرانيين قد بلغت 131 إيرانياً، مما يثير علامة استفهام كبيرة، خاصة في هوية الحجاج المخالفين الذين ساروا بشكل عكسي، وأحدثوا التصادم، والهلع بين الحجاج، مما تسبب في سقوط معظمهم، وحدوث الوفيات والإصابات بينهم!
ولعل رواية مبعوث الحملة الإيرانية تكشف ذلك، حينما قال بأن ثلاثمائة حاج إيراني كانوا سبباً في الحادثة، لأنهم خرجوا من مزدلفة صباح يوم العيد، ولم يتجهوا إلى منى لوضع أمتعتهم في مخيماتهم، وينتظروا موعد التفويج لرمي الجمرات حسب المخطط المعروف، وإنما توجهوا مباشرة من مزدلفة إلى الجمرات، ودخلوا شارع 204 بشكل معاكس، مما تسبب في اصطدامهم بحجاج آخرين حان وقت خروجهم للرمي حسب الجدول الموزع على الحملات، فحدث الازدحام والموت الجماعي!
المحزن في الأمر تسييس هذه الحادثة واستغلالها بشكل مضحك من الجانب الإيراني وتوابعه، كنوري المالكي رئيس مجلس الوزراء العراقي السابق، وغيره، ممن يطالب بتدويل تنظيم الحج، وتسليمه لمنظمة التعاون الإسلامي، ففي الوقت الذي بادر فيه هؤلاء المسلمين بكيل الاتهامات الكاذبة، ولم يبادروا بتقديم العزاء، عبَّر البابا فرنسيس في نيويورك عن تضامنه مع مسلمي العالم، وقدَّم الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون تعازيه، لأنهم يعتبرون الحج عبادة دينية فحسب، بينما للأسف تستغل إيران الحج، منذ الثورة الخمينية وحتى الآن، لأغراض سياسية محضة!