علي عبدالله المفضي
يستعصي الإبداع على المبدع، ولا يجيء غالباً إلا على فترات متباعدة، تجعله يظن أن الإبداع قد تركه إلى غير رجعة.. وإن فرض على نفسه الكتابة قبل أوانها ربما خرج بإنتاج هزيل؛ قد يسلب منه أكثر مما يضيف إليه. ولأن الإبداع عادة يستدعي الإبداع فالمعروف أن المجالسة الدائمة لمن يتعاطون الإبداع تدفع غالباً إلى تحفيز الإبداع، وتحريض المبدع على الكتابة.. وتكون الحالة أكثر تحريضاً إذا صاحب المجالسة قراءة جيدة.
وإني لأعجب من كتّاب الأعمدة والزوايا اليومية وقدرتهم على استدعاء الكتابة، وكيف يتسنى لهم الاستمرار بنفس الجودة وقوة الطرح.
وبالرغم من أن كتّاب الشأن السياسي والاجتماعي والرياضي قد تحفزهم الأحداث اليومية المتلاحقة على الكتابة إلا أنهم يعانون كغيرهم من الكتّاب من تحكُّم مزاجيتهم، وتسلُّطها عليهم. وهؤلاء مجبورون على الحضور اليومي مع حفاظهم على مستوى الكتابة الذي تعود عليه الجمهور. وإني لأرأف لحالهم، وأتصور معاناتهم المضنية. فهل يتصور القارئ والمتابع معاناة المبدعين الذين يحاولون جاهدين أن يرضوا قارئهم ومتابعهم الذي هو كنزهم الثمين، الذي لا يمكن التفريط فيه تحت أي ظرف أو مزاجية؟