إبراهيم السماعيل
للأسف هذا هو ما وصف به الرئيس الأمريكي الثوار السوريين الذين انتفضوا ضد الطغيان والطائفية المتوحشة التي يمارسها النظام السوري بحق شعبه، وهو نفس الرئيس الذي وصف الأسد بالطاغية وبالقاتل لشعبه وبفاقد الشرعية، لكن سيادة الرئيس فاته سهواً أو عمداً أن بلاده عندما سلحت جيش الفلاحين البسطاء والذين لم يكن بينهم حتى أطباء أسنان في أفغانستان هزم هذا الجيش الذي يستخف بمثله الرئيس الآن أقوى قوة على وجه الأرض بعد الولايات المتحدة الأمريكية وأقصد بها الاتحاد السوفييتي، كذلك نسي السيد الرئيس أن جيش الفلاحين هذا هزم جيشكم في فيتنام هزيمةً منكرة بعد أن تم تدريبه وتسليحه من الصين والاتحاد السوفييتي.
إذاً فالقضية لادخل لها بخلفية الجيش المقاوم فلاحين كانوا أم علماء ذرة إنما بكم أيها الرئيس وبرغبتكم في دعم أو عدم دعم الشعوب المتطلعة للتحرر من الطغيان والتسلط هذا بافتراض أنكم راغبون في تقديم مثل هذا الدعم.
لم تصل قضية بل مأساة الشعب السوري إلى هذا الدرك من الوحشية واللا أخلاقية إلا بفضل ترددكم، فأنتم من لم يحاول الوقوف دون إجهاض الثورة السورية منذ بدايتها وأنتم من لم يرد أن يرى الجيش الحر ويدعمه وأنتم من لم يسمح لغيره بدعم هذا الجيش بالسلاح النوعي المناسب للمعركة، بل أنتم بترددكم من سمحتم ولو بطرق غير مباشرة لداعش بالبروز، ولولا كل هذا لكان الجيش الحر وقوى الثورة المعتدلة من فلاحين وأطباء أسنان كما وصفتهم قادرون على إلحاق الهزيمة بالأسد وميلشياته الطائفية الفارسية ومعهم داعش الآن في نفس الوقت وهم قادرون آنذاك وما زالوا لو وجدوا الدعم العسكري المناسب.
وللتذكير فقط فلقد غزوتم أفغانستان بعد حادثة 9-11 الإرهابية حاملين شعار القضاء على الإرهاب لكن الإرهاب استشرى أكثر بعدها، وغزوتم العراق تحت نفس الشعار مضافاً إليه نزع أسلحة الدمار الشامل المزعومة ونشر الديمقراطية فلم تجدوا أسلحة دمار شامل ولم تنشروا الديمقراطية وبدلاً من ذلك انتشر الإرهاب كانتشار الوباء وأطلقتم العنان لطاعون الطائفية الرهيب، وفي الحالتين توصلتم إلى مصدر الإرهاب الأول والذي لديه مشاريع لامتلاك أسلحة دمار شامل علنية وأعني به إيران فأي تناقض هذا!!؟؟ لم يكن باستطاعة الإيراني أن يمارس دوره التخريبي في المنطقة ولم يكن ممكناً للروسي التجرؤ على مايقوم به الآن في سوريا وما قام به منذ بداية الثورة السورية من أدوار لو لم تتركوا لهم أنتم المساحة والفراغ المناسبين.
وبمناسبة الحديث عن الدور والتدخل العسكري الروسي العلني نشرت مجلة درر شبيغل الرصينة تقريراً يقول إن أهم سبب في استدعاء الأسد للتدخل الروسي العسكري هو خوفه من عدم التمكن من السيطرة على ماتبقى له من بلاده بعد ابتلاعها من إيران وميلشياتها الطائفية التي بات هو بنفسه تحت رحمتها وبالتالي استنتج أن الاحتلال الروسي أقل خطراً من الاحتلال الفارسي.
إن هزيمة الجيوش شيء وهزيمة الشعوب شيء مختلف تماماً فجيوش الحلفاء هزمت الجيش الألماني والجيش الياباني كذلك لكنها لم تستطع هزيمة الشعبين والدليل لايحتاج إلى كثير من الشرح، والأمر نفسه حدث عندما هزمت العصابات الصهيونية الجيوش العربية مرتين واحتلت كل فلسطين وهجرت أغلب شعبها مستعينين على ذلك بكل موارد وسلاح ودعم ومكر وخداع الدول العظمى بدليل أن هذا الشعب ما زال يقاوم، هذا بالضبط ما هو حاصل مع الشعب السوري الآن.
أنت أيها الرئيس أمام شعب كامل انتفض على جلاده وعلى كل حلفاء هذا الجلاد المباشرين وغير المباشرين ولست أمام ثورة مجموعة من الثوار أو الانفصاليين وقد تكون نسيت أو تناسيت أن هذا الشعب المنتفض هو الأغلبية الساحقة من الشعب السوري الذي تحاول قوى العالم هزيمته فلئن هُزِم هذا الشعب فستكون دول العالم أمام ثورة لن تقبل بتسلط الأقليات عليها مهما عَظُمَت التضحيات.