سعد بن عبدالقادر القويعي
الحل الممكن اللجوء إليه لوقف تداعيات الوضع السوري الجديد، هو العودة إلى أساس خارطة الطريق السورية، أي : المراهنة على الحل السياسي بدون الأسد، الذي لا يقصي أي طرف من الأطراف ؛ من أجل نقل البلاد من حالة الحرب، ونظام الاستبداد إلى حالة السلم، والنظام الديمقراطي، - إضافة - إلى تشكيل تحالف إقليمي دولي ؛ لمواجهة الإرهاب، يضم الحكومة السورية المقبلة.
تتجه المساعي اليوم الإقليمية، والدولية إلى معالجة الوضع السوري باللجوء إلى وقف مسار الدم، والتدمير، والتهجير، والقضاء على جماعات التطرف، والإرهاب، والحفاظ على الوطن السوري بكل مكوناته، وإمكانياته، وعلى رأسها: الجيش الوطني ؛ ولأن المنطقة على أعتاب الدخول في مرحلة التسوية الإقليمية، والذي على أساسه سيتمدد توازن العلاقات الدولية، وخارطة المنطقة لسنوات قادمة. مع أن أخطر ما يميز ملف التسوية، هو تداخل، وتقاطع أوراق التسويات، وتفاصيلها المختلفة، كما يؤكد ذلك - المحلل السياسي - عامر السبايلة. ولهذا فإن الحديث عن ضرورة إيجاد تسوية سياسية في سوريا، يعني - ضمناً - أن ملفات المنطقة الراكدة، والمعطلة باتت على وشك التفعيل، الأمر الذي قد يفرض تغيرات حقيقية في تركيبة، ونهج، وشكل كثير من اللاعبين في المنطقة، - وفي الوقت نفسه - يفرض تحديات غير مسبوقة على التركيبات الوطنية للدول المنخرطة بترتيبات التسويات القادمة.
حالة التأزيم التي تجتاح سوريا - منذ سنوات -، بدأت تأخذ أبعاداً جديدة، - خصوصاً - مع توسع رقعة الاضطرابات السياسية، - ولذا - فلن يكون لنظام بشار الأسد، وبطانته مكان في مستقبل سوريا. وعندما نؤكد على أن الحل السياسى، هو الخيار الصحيح للمرحلة، فإننا سنترك للشعب السورى - نفسه - حرية تقرير مصيره، واختيار من يحكمه، بعيدا عن التدخلات الخارجية التى أشعلت تلك الأزمة؛ لأن هذا هو المخرج الوحيد ؛ نتيجة التغيرات التي شهدتها سوريا في المرحلة الماضية ؛ وحتى تتوافق مع مناخ التسويات المفروضة في المنطقة، وضرورة التكيف مع المعطيات الجديدة؛ من أجل تضييق الأزمة السورية.
سجلت السعودية حضورها من أول يوم اندلعت فيه الأزمة السورية، فلم تكن منسية في التأثير السياسي العام، أو حتى في صناعة الأحداث، والتأثير فيها، باعتبارها قوة إقليمية، ولاعب أساس في حل النزاعات القائمة في المنطقة ، - سواء - على الصعيد الداخلي لدول المنطقة، أو الخلافات، والنزاعات البينية القائمة بين بعض الأقطار العربية ؛ فعمل صانع القرار السعودي على الخروج من الأزمة السورية بشكل سلمي، بما يلبي متطلبات المرحلة، مشترطة أن لا دور للأسد في مستقبل سوريا، مع ضرورة المحافظة على المؤسسات المدنية، والعسكرية في سوريا ؛ كي لا تعم الفوضى، والانهيار، والعمل على تشكيل مجلس انتقالي لكل السوريين ؛ لمساعدة سوريا على الانتقال إلى مرحلة جديدة.
إن التأسيس لمستقبل سوري أفضل يعتمد على قراءة سليمة، ومتكاملة للوضع السوري - بكافة أبعاده الإقليمية والدولية -، وعلى مدى جدية الحلول الواقعية، من دون تعميق الأزمات، والقضايا العالقة في سوريا، وإنما تطرح الأسس السياسية بشكل واقعي، يتناسب مع حقيقة المجتمع السوري - بكافة تنوعاته -، وهذا ما تتطلبه المرحلة.