سعد بن عبدالقادر القويعي
ما أفهمه من بيان هيئة كبار العلماء، مؤكّدين أن: «داعش دسيسة على الإسلام، صنعتها أيدٍ خفية، ولها مهمة تؤديها، وهدفها: بثُ الفرقة، وتفريق الكلمة، وتشويه الدين الإسلامي الحنيف»، هو عين الحقيقة. واستناداً إلى الأساس العلمي، وعلى حقائق التاريخ - القريب والبعيد -،
بعيداً عن خلط الأوراق، والالتباس، والضبابية في الرؤية، فإن الدور التاريخي لواشنطن في تجييش الحركات المشبوهة، وإن أُطلق عليها وصف «الجهادية»، و»الإسلامية»؛ بغية توظيفها لخدمة المشاريع الإستراتيجية الأمريكية في مختلف بقاع العالم، أصبحت ملموسة التأثير؛ حتى وإن بدا في خطابها السياسي التسويقي، وازدواج معاييرها، وتعددها في قضية الإرهاب خلاف ذلك، إلا أن معالم تلك المؤامرة تدخل وبقوة على خط بناء الدول، ومكوناتها - السياسية والثقافية - وفق رؤيتها الثقافية، ومصالحها الخاصة.
الإعداد لصناعة داعش، والسعي به نحو الإفساد في المنطقة تحت راية الإسلام، والإسلام منها بريء، أكدته وثائق سرية صادرة عن وكالة الأمن القومي الأمريكي، سرَّبها - الموظف السابق في الوكالة - « إدوارد سنودن «، وفيها: «أن تنظيم داعش هو صنيعة الاستخبارات الأمريكية، والبريطانية، والإسرائيلية»، وأن وثائق سنودن التي أوردها - الدبلوماسي الروسي السابق والخبير في شؤون الشرق الأوسط - «فيتشسلاف ماتوزوف»، تعتبر: «إيجاد داعش جزء من الإستراتيجية الغربية، والإسرائيلية، المسماة بعش الدبابير؛ بهدف استقطاب المتطرفين من كل أنحاء العالم، وتوجيههم إلى سوريا».
إن العمل على إيجاد ذريعة للتدخل في شؤون منطقة الشرق الأوسط، بعد أن بدأت تتفلت الخيوط من أيدي تلك الدول، كان بسبب فشل ثورات الربيع العربي التي أطلقوها، والاستمرار في مخطط للعبث بوحدة، واستقرار الدول، والشعوب العربية، وذلك بتواطؤ أوروبي، ودعم من قوى، وأطراف إقليمية؛ توطئة لإعادة هندستها جيوإستراتيجيا وفقاً لاعتبارات إثنية، وعلى أسس جيواقتصادية.
إن القادم لا محالة سوف يكون مفاجأة، وقد نُتهم بأننا لا نزال ندور في فلك المؤامرة، إلا أن الأكيد: أن المشروع الأمريكي في بناء شرق أوسط جديد، وذلك من خلال حشد الطاقات البشرية المتعاطفة مع فكر التنظيم الإرهابي، وتوفير الكوادر البشرية القيادية المتقاتلة، والإعلامية الهائلة؛ حتى وإن اتخذت من إيران لاعباً جديداً يتخذ من الإسلام السياسي ذريعة في رفعه كشعار؛ من أجل إحياء مشروعها الفارسي، والذي يتماهى مع المشروع - الصهيو أمريكي - سيفشل - بإذن الله -؛ بسبب وعي قادة هذه البلاد، مع الأخذ بعين الاعتبار ضرورة الوحدة الوطنية، والتي ستقف حائلاً أمام أي محاولات لتنظيم داعش، باعتباره أشرس، وأعنف تنظيم جهادي في التاريخ الحديث.