سعد بن عبدالقادر القويعي
سيبقى مشروع «الولي الفقيه» من أخطر المشاريع التي تفتك بجسد الأمة الإسلامية، والقضاء على وحدتها، والدعوة إلى تفتيتها، كونه يتقاطع في كثير من الأحيان مع المشروع الصهيوني، حين أُعلن عن تصدير الثورة الخمينية إلى الدول الإسلامية، حاملاً معه مشروعه في قيام ولاية الفقيه في العالم الإسلامي، تحت نظرية «أم القرى الشيعية»، التي لا ترى في الإسلام إلا إسلام إيران، ولا ريادة، ولا قيادة للعالم الإسلامي إلا بانتهاج تعاليم ثورة الخميني، - وبالتالي - يجب - في نهاية المطاف - أن يصبح جميع المسلمين على اختلاف مذاهبهم، وطوائفهم شيعة خمينيين.
قام مشروع ولاية الفقيه على حماية ما حققه من نفوذ طائفي، ومذهبي في المنطقة، والتدخل في شؤونها، وبمباركة شرعية من النظام الدولي - الأمريكي الغربي -، فأصبحت نارها مشتعلة في رمادها، تغذيها، وتنفخ فيها. - ومن هذا المنطلق - فهي تفرض وصايتها - من خلال - أذرعها الحركية الدينية على المجتمعات، التي تمثل الحركات قوة صاعدة فيها، إما بنقد المشاريع القائمة، وإما بتقديم خيارات سياسية أخرى، هي أوفق مما يُطرح، وإما برفض الإسقاطات القسرية للخيار الخميني، كرفض المجلس الإسلامي العربي في لبنان - قبل أيام -، ما وصفه بمحاولات الولي الفقيه في إيران، ضرب الشيعة العرب بمجتمعاتهم، مؤكداً أن: «الواقع الشيعي العربي يرفض أن يكون وقوداً لأي مشروع خارجي - مهما كانت مسمياته -، - وخصوصاً - إذا حمل الراية المذهبية، كما يفعل الولي الفقيه في إيران، في استجلاب الفتنة». - وبإستراتيجية واضحة - أصبح هذا النمط من المساءلة حول عبث الولي الفقيه في المنطقة، من أهم المحفزات للنقد الخارجي لسياسة إيران.
وحتى يتم معرفة السياسة الخارجية لمشروع ولاية الفقيه، والتي تهدف إلى تشييع العالمين - العربي والإسلامي - في خمسين عاما، باعتبارها القيادة الشرعية، والنيابة الوحيدة عن الإمام الحجة، فيدفعون الحقوق الشرعية للولي الفقيه، ويدعون إلى حركة سياسية موالية لحكومة الفقيه، إلا أن نظرية ولاية الفقيه المطلقة، لم ترعَ حق الشورى إلا في الحدود التي تظل محكومة بتلك الولاية، ودون التأثر بها، وذلك اتساقاً مع حكومة المعصوم الفردية، باعتبار أن الولي الفقيه هو نائب عام للإمام المعصوم، وهي نظرية غريبة في الأجواء الشيعية، إذ ظلت لقرون طويلة المنافس الأكبر لنظرية حكومة المعصوم، ولذلك نجد الكتابات الشيعية في الأُمور العقائدية، لا تتوانى عن نقد تلك الفكرة، وإبطالها باتهامها أنها تفتقد الدليل الشرعي، وهذا ما حصل حتى مع أُولئك الذين قبلوا فكرة شورى المؤمنين؛ لتغطية الواقع السياسي في الوقت الحاضر، كما هو الحال مع - الإمام - الصدر في كتابه: «بحث حول الولاية».
مشروع ولاية الفقيه، هو مشروع فاشي بامتياز. صدّر إرهابه عبر تصدير ثورته سياسياً، وتبريرها ثقافيا، ومن ثم عمل على بسط نفوذ التشيع، وفرض سياسات التقسيم في المنطقة. ورغم ما تفعله عصابات ولاية الفقيه في العراق، وسوريا، ولبنان، واليمن من مشاريع فتنة، يتحملون مسؤوليتها كاملة حول ما يجري من حرب - شيعية سنية -، كونها حرب إيرانية؛ من أجل الاستحواذ على مناطق نفوذ أخرى. وما يجري اليوم من مشاهد بائسة في المنطقة، هو لاستكمال اللعبة الخمينية أينما حلت نظرية ولاية الفقيه، وتأكيداً لكلامه عندما قال في عام 1980م، ما نصه: «نحن في جمهورية إيران الإسلامية سوف نعمل بجهد؛ من أجل تصدير ثورتنا للعالم، وأنه بمقدورنا تحدي العالم بالأيديولوجية الإسلامية. ونحن نهدف إلى تصدير ثورتنا إلى كل الدول الإسلامية، بل إلى كل الدول, حيث يوجد مستكبرون يحكمون مستضعفين».