يوسف المحيميد
ليس أصعب على المرء من الكتابة عن المرأة وحقوقها، لأنه ما إن يفعل ذلك، حتى يهاجمه الجميع، خاصة من يرى في المرأة كائنًا غريبًا، يحتاج إلى المراقبة والوصاية والمتابعة، يقوده الشك في تصرفاته قبل الثقة بها، لكن الكتابة عن المرأة بوصفها مواطنًا، له جميع حقوق المواطنة، وعليه واجباتها، هو ما جعلني أكتب هنا، خاصة بعد المشروع الذي تقدمت به عضو مجلس الشورى الدكتورة لطيفة الشعلان، وهي مقترحات مهمة، من شأنها أن تدير عجلة نصف المجتمع المعطل، وتجعله مجتمعًا سويًا أسوة بمجتمعات العالم كله.
وحتى لا نهمل مبادرة الأعضاء الآخرين معها في المجلس، الأميرة سارة الفيصل، والدكتور ناصر بن داود، والدكتورة هيا المنيع، فإن من الطبيعي ألا نتوقف عن نقاط في المقترح، هي طبيعية للغاية، والجميع يتفق حولها، مثل ترسيخ مبدأ حماية حقوق المرأة، وحماية الحقوق التي نصت عليها أنظمة المملكة، وتعزيز مواطنة المرأة السعودية، وعدم التفريق بينها وبين المواطن في الحقوق.
لكن الأكثر أهمية في هذه المطالبات، هو حق المرأة في الحصول على الوثائق الوطنية، ورفع الأضرار المترتبة على عدم حصولها على دفتر عائلة مستقل، الأمر الذي جعلها دائمًا تتوسل ولي الأمر للحصول على دفتر العائلة، لاستكمال شؤون حياتها ومتطلباتها، لأنها دون هذا الدفتر لا تستطيع إثبات صلتها بأولادها، وهذا ما يجعل من هذه المطالبات أمرًا مشروعًا وحيويًا، يمنح المرأة الأم حقوقها التي كفلها لها ديننا الحنيف.
كثير من أمور المرأة الأم وحقوقها معقدة، مما جعل هذه المطالب مشروعة تمامًا في المجلس، فليس معقولاً أن تلجأ الأم في الأربعين والخمسين من عمرها إلى طفلها المراهق بصفته ولي أمرها، وولي أمر شقيقاته، كي يوافق على شؤونهن العادية، كالموافقة على التحاق إحداهن في المدرسة أو الجامعة أو العمل، بل حتى حصولها على بطاقة الأحوال المدنية، تتطلب موافقة هذا المراهق، بالرغم من أن والدته بلغت من العمر عتيًا!
إن دخول المرأة، وبقوة، في عضوية مجلس الشورى، جعلها في خطوة أقرب لاتخاذ القرار، صحيح أنها ليست في جهة تنفيذية، لكن المجلس كجهة استشارية، يقوم بدراسة الموضوعات المطروحة من أعضاء المجلس أو من خارجه، قبل رفعها لمجلس الوزراء، للموافقة عليها، يمنحه الحق في تسليط الضوء، والسير خطوة واحدة أمامًا، لحل بعض القضايا العالقة في المجتمع، وهؤلاء الذين يصوتون على مثل هذه القضايا الحيوية، هم من اختارهم ولي الأمر، للاستئناس برأيهم في موضوعات عدة تهم المواطن والمواطنة على حد سواء!
إننا إزاء هذه التعديلات التسعة، المرفوعة تحت قبة المجلس، التي من شأنها تحسين وضع الأمهات وتسهيل أمورهن الحياتية اليومية، لا نملك إلا أن نرفع باقة شكر وامتنان لهؤلاء الأعضاء على مبادرتهم ووطنيتهم، ولغالبية أعضاء المجلس، بمن فيهم الشرعيون لمشروع تصحيح وضع الأم في الأحوال المدنية، وكلنا أمل بأن تتحقق هذه الأحلام البسيطة والمشروعة للأم في هذا الوطن المتجدد.