د. أحمد الفراج
هذه الأيام، تعاني المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون من الضغوط الجبارة التي تواجهها، نتيجة مساءلتها عن تفجير السفارة الأمريكية في بنغازي في عام 2012، إذ يتهمها خصومها بأنها لم تقم بالاحتياطات اللازمة لحماية السفارة ومنسوبيها، رغم التحذيرات التي تلقتها من وكالة الاستخبارات المركزية عن حاجة السفارة لحماية مكثفة، وهذا إضافة إلى معاناتها من مشكلة استخدامها لبريدها الإلكتروني الخاص في العمل الرسمي، إبان عملها وزيرة للخارجية، في فترة الرئيس باراك أوباما الأولى، وهذا ليس كله سيئا، إذ يبدو للمتابع للحراك السياسي لأمريكا أن هناك محاولات للوبيات المصالح لتنقية سيرة هيلاري، قبل الدخول في المعترك الحقيقي للانتخابات، إذ جرت العادة أن يتم كشف سبر أغوار المرشح المرغوب، وتنقية سيرته، حتى لا يتم كشف الفضائح في وقت متأخر، وحرج وحساس، لا يستطيع معه المرشح، ومن وراءه، القيام باللازم حيال ذلك.
مثل هذه « التنقية « حصلت مع المرشح الديمقراطي للرئاسة في 2008، باراك أوباما، إذ كان متوقعا أن يتم الكشف، في أي لحظة، عن علاقته المشبوهة بالواعظ المتطرف الأسود من مدينة شيكاغو، السيد جرمايه رايت، حيث يسكن الاثنان، وهو الأمر الذي سيلقي بظلاله على حظوظ أوباما بالفوز، فيمل لو كشف عنه قي وقت متأخر، فما كان من لوبيات المصالح، والحزب الديمقراطي إلا أن أوعزوا لمن يكشف عن تلك العلاقة في وقت مبكر، ثم قامت بعد ذلك حملة «تنقية» وتبرير لتلك العلاقة، وبعدها ألقى أوباما خطابا مؤثرا، تم الحشد له بقوة، وكان أثر الخطاب واضحا، إذ لم تمض إلا فترة وجيزة حتى وضع أوباما أمر تلك العلاقة المشبوهة وراء ظهرة، وهذه إحدى الإستراتيجيات التي تتبعها لوبيات المصالح في سبيل الحشد لمرشح مرغوب، وهناك أمثلة لا تحصى لذلك، وهذا بالطبع يختلف عن كشف ذات اللوبيات لفضيحة مرشح ما، لا من أجل أن تتم تنقية سيرته، بل من أجل الإطاحة به، مثلما حصل للمرشح الديمقراطي البارز، قاري هارت، في عام 1988، إذ تم الكشف عن علاقته الرومانسية مع الفتاة اللعوب، دانا رايس، وبعدها تم إسقاطه بالضربة القاضية، مع أنه كان وقتها واحد من أبرز الساسة الأمريكيين !.
هناك حشد هائل خلف هيلاري كلينتون، ويتوقع المراقبون أن حظوظها بالفوز في انتخابات الرئاسة 2016 جيدة جدا، وبما أنه حان الوقت لانتخاب سيدة كرئيسة للولايات المتحدة، بعد أن تم انتخاب رئيس أسود، لأول مرة في التاريخ الأمريكي، فإن هيلاري كلينتون، قطعا، هي الأكثر حظا، فهي محامية بارزة، ووزيرة سابقة للخارجية، وقبل ذلك سيناتورة سابقة عن ولاية نيويورك الكبيرة والهامة، كما أنها زوجة رئيس أمريكي بارز، ومتألق، وهو الرئيس بيل كلينتون، وعلى محبي هيلاري أن لا يقلقوا، فهي الآن في مرحلة «تنقية السيرة»، حتى تكون جاهزة تماما، عندما يحتمي وطيس الانتخابات لاحقا، وحينها ستكون فارسة بلا شوائب، وسيزفها الإعلام الأمريكي كمنقذ للإمبراطورية الأمريكية، وقد يلقبونها بالمرأة «الفولاذية»، فلننتظر حتى ذلك الحين!.