جاسر عبدالعزيز الجاسر
إن صدقت النوايا فإن الاجتماعات التي تشهدها العاصمة النمساوية فيينا ستوفر أفضل السبل والفرص لإنقاذ سوريا مما يخطَّط لها من تقسيم وتدمير أو إبقاء نظام مجرم يعمل على إبادة كل مَن يعارضه.
يوما الخميس والجمعة جمعت طاولات التفاوض تقريباً كل اللاعبين المؤثِّرين على الوضع في سوريا، الإيجابيين منهم والسلبيين، وقد كشفت الاجتماعات مَن الذي يعمل لإنهاء الأزمة المأساة في سوريا سياسياً، ومَن الذي يسعى إلى إغراق سوريا في مزيد من الدماء.
ومع أن الأعمال التي تمت طوال الأربعة الأعوام الماضية كشفت عن هذه الأدوار، إلا أنه الإصرار ومطالبة قوى دولية بمشاركة تلك الأطراف التي عملت طوال الأعوام الأربعة على تعقيد الأزمة وزيادة آلام الشعب السوري. إن اجتماعات نهاية الأسبوع تشكِّل اختباراً جدياً لصدق هذه الدول، منذ مدة تطالب روسيا وحتى دول غربية بإشراك إيران في جهود حل الأزمة المأساة في سوريا رغم مشاركتها في تعميق هذه المأساة وإطالتها. وكان إبعادها عن الاجتماعات السابقة يهدف منه إلى إعادتها إلى الطريق السوي وأن تكون دولة إقليمية إيجابية في مشاركتها في حل الأزمات في المنطقة لا تعميقها. والآن الفرصة متاحة لإيران والدول المتحالفة معها لإثبات جديتها والعمل بصدق لاعتماد الحلول السياسية، وليس الاستفادة من عامل الوقت لتحقيق أجندات توسيع الأعمال العسكرية، ومتى ما تأكّد للدول الأخرى التي شاركت في اجتماعات فيينا، ولهذا فإن الكثير من المتابعين لهذه الاجتماعات من المحلّلين الإستراتيجيين والسياسيين يرون أن مشاركة الدول الجديدة، وبعضها كان مستبعداً لمواقفه السلبية، بأنه اختبار لهذه الدول سواء في أعمالها العسكرية والقتالية لعناصرها التي أصبحت تشارك فعلياً في المعارك الجوية والبرية وحلفاؤها الذين يقاتلون بالوكالة عنهم، وأكثرهم تأثيراً سلبياً هي المليشيات الطائفية التي تضم عدداً من المرتزقة والطائفيين الذين جلبوا من دول بعيدة نسبياً عن سوريا، فالنظام الإيراني لم يكتف بتوجيه المليشيات الطائفية التي يموّلها ويدرّب مقاتليها ويسلّحها، بل أيضاً يشارك بقوات نظامية ممثلة بكتائب قتالية من الحرس الثوري يقودهم «جنرالات» كبار وهو ما فضحته جنائز القتلى الإيرانيين التي شيّعت في المدن الإيرانية.
إذن إيران وحتى العراق ولبنان الذين شاركوا في اجتماعات فيينا هم تحت منظار الاختبار، فهل تكف إيران عن إرسال المقاتلين والمليشيات الطائفية المرتبطة بها، وهل تستطيع حكومتا العراق ولبنان الحد من تدفق المليشيات الطائفية التي تنطلق من أراضي هذين البلدين.
لبنان يقول إنه عاجز عن ضبط أعمال حزب حسن نصر الله، ومليشياته التي تقاتل في سوريا، أما العراق فالمليشيات التي تشكِّل الآن مجاميع الحشد الشعبي لها حضور عسكري قوي على الأراضي السورية، فهل تستطيع هاتان الدولتان وقف هذه المشاركات والتدخل العسكري في سوريا، إن لم تستطع حكومتا بغداد وبيروت ذلك فما الجدوى من مشاركتهما، أما إيران فالشكوك ستظل تحوم حول جدية وفائدة مشاركتها في جهود تحريك الجهود السياسية والتي لا يمكن أن تغيّر نهجها وأسلوب عملها، ولهذا فإن الفائدة التي ستتحقق من هذه المشاركة هي لكشف الوجه القبيح لهذه السياسة التي ستحرج كثيراً مَن ضغط من أجل وجودهم في هذه الاجتماعات.