جاسر عبدالعزيز الجاسر
من حق كل الذين يحبون خالد بن حمد المالك أن يغتبطوا بالجائزة العالمية التي نالها أخيرًا، والتي أضافت للإعلام السعودي إضافة كبيرة لا تقدر بثمن.
ومن حق كل من تتلمذ على يد خالد المالك أن يفرح بهذه الجائزة العالمية الكبرى، والفرح ستكون مساحته كبيرة، بكبر من يفرح؛ لأن قلبه لا يقبل الغل والحقد.
ومن حق كل أصدقاء المالك أن يعتزوا بهذا الصديق الذي يحصد الجوائز ليضيف بعدًا أدبيًا للمملكة، وللصحافة السعودية، وللصداقة.. الصداقة التي لا تهدف إلى كسب مصالح شخصية.
فمن يعرف خالد المالك يعرف معنى الصداقة، الصداقة المجردة عن كل هوى ومصلحة. أعرف خالد المالك منذ قرابة نصف قرن، والذي أخاطبه الآن كصديق ولم أسبق اسمه بكلمة أستاذ، لأنه أكبر وبكثير من هذه الكلمة، فالأستاذ يعلم مجموعة من طلاب العلم، ولفترة، أو لفئة محدودة، لتخصص ما، أو لعلم ما، أما خالد المالك فهو أستاذ لكل من يلتقي به، يتعلم من إنصافه، فعنده الإنصاف لا يسمح له أن يفضل من يعرفه أو يرتبط معه بصداقة على من لا يعرفه، وطوال عملي تحت إدارته قرابة ثلاثة وأربعين عامًا لمست هذا التَّميز لدى خالد المالك في كثير من المناسبات.
لخالد المالك أسلوب في التعامل مع الآخرين، لا يشعرك بأنه أكثر علمًا وخبرة منك، ولا بتفوقه مهنيًا، فهو ينصت كثيرًا ويترك لك الحديث حتى تنتهي وعندها يعطيك عصارة خبرته بلا فوقية ولا فرض.
طوال العقود الأربعة والنصف التي قضيتها في «جامعة الجزيرة» تعلمت من خالد المالك الكثير والكثير، وعالجت الكثير من النزق والتجاوزات التي كان داواها خالد المالك دون أن يجرح شعورك ليجعلك تخجل من نفسك وتعالج أخطاءك، عملت مع أربعة من رؤساء التحرير، ومع أنهم أضافوا لي الكثير وتعلمت منهم إلا أني تعلمت من خالد المالك أكثر ليس لطول مدة العمل معه، بل لأن جرعات «الاستذة» أكثر بل كنا ولا نزال نحن منتسبي جامعة الجزيرة كل يوم نتجرعها.
كم من صحفي موهوب تخرج من هذه الجامعة ليس فقط رؤساء التحرير ومديرو المحطات الفضائية التلفزيونية بل حتى الصحفيين الذين كل منهم شكل بصمة في الصحافة العربية والسعودية. لكل هذا تأتي الجوائز والتكريم لخالد المالك دون أن يسعى إليه.
والجائزة الأخيرة مميزة لأنها لم يحصل عليها صحفي من قبل عربيًا أو غير عربي، فالذين حصلوا عليها ملوك ورؤساء دول وأدباء منهم من حصل على جائزة نوبل وشعراء كبار، وجميعهم يصنفون كمفكرين قبل أن يوصفوا أو يشار إلى مناصبهم والمراكز التي تولوها، ولهذا فنحن هنا في جامعة الجزيرة لا يسعنا مبناها الكبير من الفرحة والغبطة التي يشاركنا فيها كل من عرف خالد المالك من رؤساء تحرير تخرجوا من جامعته التي أنشأها في بدايتها ونهض بها بعد انكفائها، ولكل من حظي بصداقة مع خالد المالك.. ولا أبالغ في القول بأن كل مواطن يحق له أن يسعد لأن واحدًا من أبناء الوطن ينضم للعظماء الذين حصلوا على جائزة البحر الأبيض المتوسط العالمية.