د. عبدالواحد الحميد
الدور التنموي الذي قامت به سكة الحديد التي تربط بين المنطقة الشرقية والرياض منذ تدشينها في بداية الخمسينيات الميلادية من القرن الميلادي الماضي يتجاوز ما قامت به مشاريع تنموية أخرى كثيرة، فقد أسهمت سكة الحديد في تعزيز التنمية في بلادنا من خلال نقل الركاب ونقل البضائع بين عاصمة البلاد وميناء الدمام الهام على شاطيء الخليج العربي حيث منابع النفط.
وقد كان إنشاء هذه السكة الحديدية أشبه بمعجزة وذلك بمقاييس أيامنا الحالية التي تتعثر فيها المشاريع طويلاً رغم توفر الإمكانات المادية في الوقت الحاضر وشُحها في عقد الأربعينيات من القرن الماضي عندما تم البدء بإنشاء السكة إذ أن البدء في تنفيذ المشروع كان في شهر أكتوبر عام 1947م وتم افتتاحه في أكتوبر 1951م.
كان التمويل في ذلك الزمان مشكلة، وكان استيراد المعدات اللازمة لتشييد السكة مشكلة أخرى، ومثلها توريد القاطرات واستقدام الايدي العاملة الخبيرة لتشغيل القطار وتدريب العمالة المحلية، ومع ذلك تم الإنجاز في وقت قياسي إذا ما قارناه بالبطء الشديد في إنجاز بعض المشاريع التي تنفذ حالياً في بعض مدننا، فمازال تشييد أحد الجسور في إحدى مدن المملكة متعثراً منذ أكثر من خمس سنوات علماً بأنه لا يخترق جبالاً ولا يعبر بحاراً أو أنهار!
ومثل ذلك يقال عن «قطار الحرمين» الذي بدأنا نقرأ عنه منذ زمن طويل، ومازال الإنجاز متأخراً ولا يصل إلى المستوى الذي يبرر إنفاق مليارات الريالات على إنشائه!
ومنذ أيام صرح رئيس المؤسسة العامة للخطوط الحديدية أن تنفيذ مشروع «قطار الخليج» سينطلق مع بداية العام الميلادي الجديد 2016 وهو القطار الذي سيربط دول مجلس التعاون الخليجي. وقال رئيس المؤسسة ان ما يصل إلى ستمائة كيلو متر من سكة القطار سيتم تنفيذها داخل الحدود السعودية، وان سلطة عمان ودولة الإمارات العربية المتحدة بدأتا في تنفيذ المشروع داخل أراضيهما.
إن هذا المشروع الحيوي سوف يكون من أهم روافد تعزيز العلاقات الخليجية البينية فهو يتكامل مع شبكة الخطوط الحديدية القائمة في المملكة وتلك التي تحت الإنشاء والتي سوف تربط أطراف المملكة ببعضها البعض من شمالها إلى جنوبها ومن شرقها إلى غربها.
لكن السؤال الذي يتبادر إلى الذهن يتعلق بمدى قدرتنا على إنجاز هذا المشروع في الوقت المحدد وذلك قياساً على ما جرى من تعثر في مشاريع مماثلة سابقة. فرئيس المؤسسة أفاد بأن الإماراتيين والعمانيين بدأوا في تنفيذ الأجزاء الواقعة في الإمارات وعُمان، فماذا عنَّا نحن!؟ وهل سيكون حظه أفضل من حظ قطار الحرمين وبعض المشاريع الأخرى؟