سعد السعود
لم يعد خافياً على أي متابع واعٍ ما يمارس في البرامج الرياضية من إثارة ممجوجة واستغفال للمشاهد والبحث عن متابعة رخيصة.. بعدما أصبحت الفائدة معدومة، أما الحقيقة فهي آخر اهتمامات معدي تلك البرامج ومقدميها.. فالتسويق هو غايتهم مهما كانت دونية الوسيلة ووضاعة الطريقة.. ولا تسألوني عن المصداقية فقد كسدت منذ أمد بعدما أصبحت بضاعة لا يُستساغ مذاقها عند علية البرامج.
لذا لم استغرب أن تستل تلك البرامج سيف التأجيج ضد الشباب.. وتنسج من خيالها ركلات جزاء بالكيلو.. لتجعل الليث مشجباً تعلق عليه إخفاقات الآخرين.. وكل ذلك لهثاً وراء تأييد مشجعي ومسؤولي أندية الضجيج.. فبعد لقاء النصر وخروجه أمام الليث كان التقليل من الفوز والهمز ناحية التحكيم ملء السمع والبصر.. حتى أصبح قيصر ملكياً أكثر من الملك.. في حين حدث في لقاء الأهلي ما هو أفضح وأوضح.. ليصبح الوضع مكشوفاً وبلا حياء.. لتفرد تلك البرامج أحضانها لكل مسيء للشباب قبل المرداسي.. والهدف في كل ذلك هو خطب ود نادي ما.. ودغدغة مشاعر جماهيره على جثة الأنقياء.. أما العدالة والتعاطي مع الأمور بميزان واحد فلا زال البحث جارياً عنها في تلك البرامج.
أبرز ما لفت نظر المتابع لردة الفعل بعد تعادل الشباب والأهلي هو تباين التعاطي من الطرفين فيما آلت إليه النتيجة وتبعاتها.. فشتان بين تعاطي الرئيس الشبابي عبد الله القريني بعد المباراة ومداخلة المتحدث الرسمي في نادي الشباب عدنان الطريّف من جهة وبين المتحدث الرسمي في نادي الأهلي سالم الأحمدي ونائب الرئيس عبد الله بترجي.. فالفريق الأول تعامل مع كل الضجيج الأخضر بهدوء منقطع النظير.. أوصل فكرته في لقاءاته ومداخلاته بكل احترام ثم مضى.. في حين كان الطرف الآخر يستخدم كل أدوات الاتهام والتحريض والتشكيك.. حتى خر المنطق بالضربة القاضية أما الرقي فقد صليت عليه الجنازة ودثر الثرى.
المطبب للخاطر والباعث على التنفس بنقاء أنه في وسط كل هذا الإزعاج الفضائي.. وبين ركام غبار المظلومية التي أصبحت لعبة قديمة لا تنطلي على المنصفين.. وبمعزل عن كل تلك المناحات التي غمرت البرامج وفاضت فيه المقالات.. بعيداً عن التضليل والتقليل والتشكيك والتخوين والذي تولى كبره ثلة من الإعلاميين وبعض المسؤولين الذين لا يؤمنون بأن الرياضة تنافس والتحكيم أداة تصيب وتخطئ.. بمنأى عن كل ذلك ظهر الحكم المونديالي سعد كميل ليفند كل الأكاذيب ويشيد بالحكم المونديالي القادم فهد المرداسي.. ويصف جل قراراته بالصائبة باستثناء تجاهل إنذار وخطأ على المرشدي.. وكذا تحدث حكم نهائي كأس العالم 2010 م مدير دائرة التحكيم في الاتحاد السعودي الحكم العالمي هارد ويب الذي ذكر ما نصه عن قرارات المرداسي : ان الحكم تعرض لحالات صعبة ونجح في اتخاذ القرار الصحيح ووصف الحكم بأنه واحد من ألمع المواهب التحكيمية في آسيا ومرشح قوي للدخول في نهائيات كأس العالم القادمة لعام 2018م.. اللافت للنظر أن كلا الاثنين محايدان لا يعنيهما أبيض ولا يهتمون لأخضر.. وهو ما يفسر عدم انزوائهم في ركن الجعجعة وعدم تفيؤهم لسقف الضوضاء وعدم التفاتتهم لإملاءات المشاهدين.
بالمقابل تفنن جماعة خذوهم بالصوت من المحللين بجعل كل حركة شبابية جريمة تستحق أشد العقوبات.. وعني ومن تجارب سابقة شاهدتها فلم استغرب صنيعهم فأولئك قدموا للتحليل بالبراشوت.. وهم يستمدون ضوء وجودهم من انعكاس ما يقدمونه لأندية الضجيج لضمان الاستمرارية والديمومة في البرامج.. وذلك بإرضاء شريحة أكبر من جمهور الأندية إياها حتى لو كان الثمن في ذلك هو غياب العدل وتواري المنطق وموت الحقيقة.. ومثل هؤلاء لا يمكن وصفهم سوى بمخللي التحكيم وعذراً على هذا التشبيه لكنه الأصدق فيهم، بسبب قِدم رؤيتهم وتشكيلها حسب الزبون فهؤلاء لم أكن لاستغرب لو طالبوا حتى بركلة جزاء ضد الرئيس الشبابي لأنه عطس وهو في الدكة وقت هجمة أهلاوية.. فالزبون لا يمكن أن يحب المخلل إلا عندما يكون بكميات أكبر وبتشكيلة متنوعة مما لذ وطاب.
آخر سطر:
يقول المبدع محمد الرطيان: الهدوء يحتاج إلى الكثير، والضجيج يكفي لإتقانه أن تمتلك موهبة الصراخ.