فهد بن جليد
المسألة ليست مجرد شعار يُرفع، فحب الوطن (قضية كُبرى) وأولوية انتماء، فمثلما تنتمي لأمك، فأنت تنتمي حتماً لوطنك، هكذا هي الفطرة السوية التي نفهمها، بل إن الكثير من العلماء والباحثين أطّروا (لوجوب حب الوطن من منظور شرعي)، وساقوا النصوص القرآنية والأحاديث النبوية الدالة على ذلك.
كلنا نسعى للاقتداء بسيد الأنبياء والرُسل حبيبنا محمد -صلى الله عليه وسلم- الذي أحب بلده (مكة المكرمة)، وقال في حديث ابن عباس (ما أطيبك من بلد وما أحبك إليّ)، بل جاء في صحيح البخاري دعاؤه (اللهم حبب إلينا المدينة كحُبنا مكة أو أشد)، إذاً لا مُزايدة في حبنا لوطننا، قد نختلف في طريقة تعبيرنا عن هذا الحب، ولكن حتماً نحن نفتخر بكوننا سعوديين ننتمي لهذه الأرض المُباركة، فهل هذا الشعور يكفي؟!
الحب يجب أن يُترجم إلى عمل، فالمعشوقة لا يكفيها (شعار حب) يرفعه عاشق، بل هي دوماً تحلم في انتظار خطوات يعبر بها عن مدى هيامه، وعشقه؟!
الترجمة هنا تعني: أن حب (المواطن لوطنه) فعل، عمل، تضحية، خدمة، دفاع، وليست مجرد (شعارات جوفاء)، نرددها ولا نحققها، خصوصاً أن وطننا اليوم يتعرض لحملات شرسة، وهجمات غير مسبوقة لبث الأفكار الضالة، واستغلال شبابنا، ليتحولوا إلى معاول هدم، وأدوات تدمير، دون أن يشعروا (بالمؤامرة) نتيجة تقصيرنا في تربيتهم وتعلميهم بالطريقة الشرعية، لكيفية حُب من حولهم (الأب، الأم، الأخ، الأخت.. إلخ)، لنضمن حتماً حبهم لوطنهم بصدق، وشعورهم بالانتماء إليه، ليسعوا في إعماره، والحفاظ على سمعته!
سأروي لكم بكل (شفافية) قصة حدثت لي مع أحد الشباب (تعكس جانباً آخر من قضية الحب)، فقد رأيته يخرج من مطار إحدى الدول الخليجية الشقيقة, وهو يرتدي الثوب والشماغ، ويحمل أكياساً بعد أن تبضع من (السوق الحرة) على مرأى من جميع الجنسيات، وأعتقد أن المسألة اتضحت، فقلت له مازحاً -وغير مقر طبعاً بتصرفه- يا أخي (الثوب والشماغ) تدل على أنك سعودي، ولا يليق بك مثل هذا التصرف، فرد سريعاً: يعني هي وقفت عليّ؟ محد مشوه صورة البلد إلا أنا المسكين؟ توكل على الله يا رجال..!
سأقول لكم، ما لم أستطع قوله له مُباشرة: نعم هذه بلدنا، ويجب أن أحرص أنا وأنت على الالتزام بمخافة الله أولاً، ثم بالخوف على سمعة وطننا الذي نحبه جميعاً، للأسف كُل من يُخطئ في حق وطنه، يعتقد أن تصرفه شخصي وصغير, ولكن تراكم الأخطاء يصنع صورة الوطن في (أذهان الآخرين)!
وعلى دروب الخير نلتقي.