يوسف المحيميد
لو خرج أحدكم صباح يوم إجازة نهاية الأسبوع، وتجول على قدميه لمدة ساعة أو ساعتين، سيكتشف عدة أشياء لم يكن يعرفها من قبل، حينما كان يستخدم سيارته حتى لأقصر مشوار، فليس جديداً أن معظم الناس ينامون إلى منتصف النهار، لن تجد في الشوارع إلا العمالة التي تحتل المدينة بشكل لافت!
لو حدث أن مشيت على قدميك، ستتخطفك سيارات أجرة الليموزين، ستقف العشرات حولك، وكل سائقيها يرتدون زيهم الرسمي، الرداء البنجابي، لدرجة أن تشعر أنك في إقليم البنجاب، وسيتعاملون معك باستخفاف، وهم يحاولون إيصالك بأي ثمن، وكأنك مشرد بلا مأوى، ولست مواطناً، في صباح يحتله البنغال والباكستانيون!
لو حدث أن مشيت على قدميك، ستكتشف صعوبة المشي وكلفته الباهظة، فلن تجد طريقاً سالكاً لك كمواطن مشَّاء، فالرصيف إما ضيق ومتكسر ومتقطع ومتفاوت المستوى صعوداً وهبوطاً، يصعب المشي عليه، أو واسع وجميل لكن السيارات سبقتك، فتقافزت فوقه، واحتلته، مما يضطرك إلى المشي في الشوارع، ويعرضك لخطورة سيارات الليموزين المتهورة، التي تكاد أن تسحقك!
ومن الطبيعي إذا كان ذلك حال الأرصفة، فإن تجاوز الشوارع الكبرى بين الأحياء أمر مستحيل، إذ لا يمكن أن تجد جسراً أو نفقاً للمشاة، كما في كل مدن العالم!
لو حدث أن مشيت على قدميك، ستلفت نظرك أعداد كبيرة من السيارات الخردة، المهملة منذ سنوات، تقف على الأرصفة، وتحت الأشجار، لا تعرف لمن، ولا لماذا تقف كل هذه السنوات دون أن يتدخل المرور بنقلها إلى مواقع سيارات الخردة، كي لا تشوه شكل المدينة أكثر مما هو مشوّه أصلا!
لو حدث أن مشيت على قدميك، ستجد أن معظم ملامح أحياء العاصمة هي ما يشبه العشوائيات، سواء بالنسبة للعمارات على الشوارع التجارية، أو حتى المنازل السكنية، وفي تناقض المحلات المنتشرة من حيث نشاطها، وفي لافتاتها، وأسمائها!
لو حدث أن مشيت على قدميك، ستصدمك وجود محطات البنزين وسط الأحياء، وبشكل ملاصق للشقق السكنية، لدرجة أنك قد تتخيل حالة حريق - لا سمح الله - يلتهم البيوت والشقق المحيطة، ويؤدي إلى كارثة إنسانية لا يمكن أن تُغتفر أبداً!
لو حدث أن مشيت على قدميك، وصادفت رجلا آخر يشبهك، على الضفة الأخرى من الشارع، وابتسم لك، أو لوَّح بيده يحييك، فهو يتعامل معك كصديق مهنة، مهنة المشي في صباحات الإجازة، وينبهك إلى أنكما بلا حقوق مشاة في الطرقات، فالحقوق للسيارات التي تحتل ممشاك رغماً عنك، وقد تدهسك إذا تطلب الأمر ذلك!