جاسر عبدالعزيز الجاسر
من أجل الحفاظ على حلم رؤساء دول وأنظمة أثبتت عدم جدارتها نتيجة ما سببته من كوارث ومشاكل للشعوب التي تحكمها وأنظمة نشرت الفوضى ليس في الكيانات التي تحكمها، بل تعدت ذلك إلى محيطها الإقليمي وأثَّرت سلباً على الأمن والسلم الدوليين، يتهدّد العالم بأسره من أجل إبقاء بشار الأسد حاكماً مطلقاً على سوريا واستمرار نظام ملالي إيران والسكوت عن تجاوزات الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين يواجه العالم بأسره تهديداً جدياً ينال كل الدول والمجتمعات. فالتهديد والأخطار توسعت وانتقلت من المنطقة العربية إلى إفريقيا لتصل إلى أوروبا، وإذا لم تعالج الأسباب الحقيقية فسوف تنتقل العدوى إلى كل مناطق العالم. فبعد أن عجزت كل لقاحات التصدي للإرهاب بعد الفشل في مواجهته في أماكن تخليق فيروس الإرهاب، المشخّص منذ وقت ليس بالقليل، ولكن التحالفات الدولية والظن بأن السكوت عن مسببات اندلاع الإرهاب وغض النظر عمّن أطلقوه سيحافظ على مصالحهم.
العودة إلى دراسة جذور بدايات الإرهاب في العصر الحديث، كانت مع زرع الكيان الإسرائيلي في قلب الوطن العربي، مما ضمن اتساع البيئة الخصبة لتنامي الإرهاب بدعم قوى الاستكبار للأنظمة الدكتاتورية القمعية، حيث شهدت منطقتنا العربية إضافة إلى مناطق أخرى من العالم ظهور أنظمة تسلطية حرمت شعوبها من العيش الكريم والكرامة الإنسانية، ففي المنطقة العربية أوصلت الانقلابات العسكرية أشخاصاً فاقدين للشرعية تحولوا بين عشية وضحاها إلى حكام طغاة مطلقي الصلاحيات التي تحكّمت في حياة الشعوب ومستقبل أبنائها.
وقد عجّلت تلك المتغيّرات بظهور أفكار وحركات وتنظيمات بعضها كمواجهة لتسلّط الحكام العسكريين الجهلة، والبعض الأكثر استلاباً لقيم وقناعات دينية لينتشر التسييس الديني الذي سرعان ما لبس لبوس الإيدلوجيات الطائفية والمذهبية التي قسمت المجتمعات الإسلامية وأنهكتها في حروب أهلية أفرزت تنظيمات توجهت إلى تنفيذ الأعمال الإرهابية لفرض فكرها المنحرف.
وهكذا تضافرت الأنظمة المستبدة والتي مصدرها الانقلابات العسكرية التي حرص قادتها على توريث أبنائهم الذين لم يختلفوا عن آبائهم في ممارسة التسلّط وقمع الشعوب كما هو الحال في سوريا التي آل حكمها إلى بشار الأسد، فيما أوصل التسييس المذهبي أئمة التطرف الطائفي إلى كراسي الحكم؛ كما هو الحال في إيران والعراق، وقد أدى كل هذا إلى تنامي الجماعات والمنظمات الطائفية، فئات منها تواجه هذه الأنظمة للحلول محلها ولتكرار تجربتها الطائفية، وفئات تدعم الأنظمة القائمة المتوافقة معها مذهبياً، كل هذا والاحتلال الإسرائيلي يواصل إفرازاته السلبية.
إذن ليس مستغرباً أن ينمو الإرهاب وتتسع مساحاته وتتواصل إفرازاته التي لن تقف عند حدود أوروبا، بل ستتعداها إلى الأمريكتين وروسيا والصين وغيرها، وهذا ما يفرض على المجتمع الدولي معالجة الأسباب التي أدت إلى هذه الحالة، وهو بكل بساطة التدخل دولياً لإنهاء حكم الأنظمة التي دمّرت شعوباً بدءاً بنظام بشار الأسد، ومواجهة نظام ملالي إيران وحكام المنطقة الخضراء في العراق والتصدي لبؤر الإرهاب بمواجهة المنظمات الإرهابية في داعش والقاعدة والنصرة، إضافة إلى منظمات الإرهاب من المكون الآخر من حزب الله اللبناني وحزب الدعوة العراقي وكل الجماعات الإرهابية التي أنشأتها إيران.