صيغة الشمري
عندما استمرت قضية منع المرأة من قيادة السيارة تم السكوت مع وجود أكثر من مليون ونصف المليون سائق أو رجل غريب في مليون ونصف المليون بيت سعودي. تأكد الجميع أن وجود رجل غريب مع امرأة في سيارة وبيت وحدهما أغلب الوقت يجعل موضوع أن تسوق المرأة سيارتها بنفسها يحتاج إلى مزيد من النقاش الهادئ بدلاً من أن تتحول القضية إلى شيء آخر، كأن تصبح المرأة في السعودية مطية لكل من يريد تحقيق نجاحات ضد خصومه أو يصبح نجماً من نجوم الجدل واستجلاب الأضواء. وبالمناسبة، فلن تجد من يناقشك في أي قرار مهما كان غير مفيد، اتُّخذ في حق المرأة، ومهما كان نوعه لن تجد من يناقشك فيه أو ينكر عليك أو يحاسبك.
جامعة الأميرة نورة قرر أحد المسؤولين (الذكور) فيها منع أكبر شركتين لتوصيل المشاوير من دخول الجامعة. وهما الشركتان الوحيدتان اللتان تعملان بسلاسة عبر تطبيقات تكنولوجية، وتوفير خدمة سريعة، تجعل انتظار المرأة للسيارة مجرد لحظات. سيطرت هذه الخدمة الجديدة على السوق؛ وأصبح غالبية المواطنين يستخدم هاتين الشركتين لنجاحهما في تقديم أفضل خدمات في مجال خدمة الزبائن على وجه السرعة. كما أن هناك ملاحظة مهمة، قد لا يدركها أولئك المسؤولون الذين يتخذون قرارات غير واقعية، ويصعب التقيد بها، هي أن بعض الموظفات، بل أغلبهن، لا يكفيها سائق واحد نظراً لضيق الوقت في الصباح؛ إذ لا يمكن لسائق واحد أن ينقل أبناءها لمدارسهم، ثم يقوم بتوصيلها لعملها، إلا إذا تم التضحية براحة الأسرة واستقرارها بوضع الأسرة تحت ضغط زمني كبير وساعات كثيرة مهدرة؛ إذ يقوم بتوصيلهم قبل ساعات والعودة بهم بعد ساعات.
إن التضييق على المرأة عبر منع هذا النوع من وسائل النقل في خدماتها هو مساهمة في الضغط عليها لترك ميدان العمل. وأي منصف أو عاقل سيقسم بالله أن انتشار مليون ونصف المليون سائق بين محارمنا وأعراضنا ليس أقل خطورة من قيام المرأة بقيادة سيارتها بنفسها. كما لا يجب إلحاق الضرر بالغالبية الصالحة والنزيهة من أجل قلة لا تلتزم بالتعليمات، ويمكن ضبطها بقوة القانون. إن اكتشاف حالات أخطاء، وعدم التزامها بالنظام والتعليمات من قِبل بعض هذه الشركات، لا يعني تعميم الحكم على الجميع ونسف مصالح أكبر من حالات فردية لا يمكن تعميمها!
وبالنسبة لعذر صاحب قرار المنع من دخول سيارات شركة التوصيل بحجة ازدحام السيارات فهو عذر غير مقبول؛ لأنه بالعقل ليس هناك سيارتان أو أكثر قادمتان لنقل موظفة واحدة. نسبة الازدحام هي نفسها بالنسبة للطالبات أو الموظفات!