سلمان بن محمد العُمري
تؤكد الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عن رصدها لتجاوزات من رقاة شرعيين ضد نساء، وأنها خاطبت مفتي المملكة بتجاوزات الرقاة، وأن هناك دراسة مع وزارة الداخلية ودار الإفتاء لإيجاد تنظيم خاص لعمل الرقاة الشرعيين أو منعها بشكل نهائي.
والرقية الشرعية أباحها الإسلام، لتخفيف آلام الناس، والشارع الحكيم رغب فيها إذا كانت منضبطة بالضوابط الشرعية، لغرض نفع المسلم إخوانه، والأخذ بالأسباب الشرعية، لإزالة الضرر والألم عن المسلمين.
ويدل على ذلك ما رواه مسلم في صحيحة عن جابر- رضي الله عنه - قال: لدغت رجلاً منا عقرب، ونحن جلوس مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال رجل من القوم: أرقيه يارسول الله؟ قال: (من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل).
وقد كان منهج الصحابة، والتابعين، والسلف الصالح تجاه الرقية، منهجاً معتدلاً وسطياً، لا إفراط فيه ولا تفريط، وكان الأصل أن يرقي الرجل نفسه بنفسه عند نومه، أو إذا ألم به وجع، أو أن يرقى نفسه بالأذكار المشروعة، تحصيناً لنفسه.
إن تهافت الناس على الرقاة، والتجاوزات الكبيرة من بعض الرقاة يدعو إلى أهمية تنظيم عملهم، أما المنع بشكل نهائي فإنه لن ينجح وسينتج عنه بيوت سرية لمتخصصين وغيرهم ممّن ركبوا موجة القراءة على النساء بالذات دون الرجال!!
كما إن ذلك سيؤدي إلى وجود بعض المفاهيم الخاطئة عن المشايخ الزهاد الذين لا يطلبون مالاً ويبتغون الأجر والمثوبة من رب العالمين.
والمجتمع السعودي وعلى فطرته مجتمع متدين، وسيلجأ بأية وسيلة إلى كل راق خاصة حينما يتيه بحثاً عن العلاج في كل مكان!! وهنا سيتلقفه «بعض الرقاة « الذين أساءوا للدين وأنفسهم قبل أن يسيئوا إلى الرقاة الشرعيين الثقافات وذلك بممارستهم الدونية واللا أخلاقية، وابتزازهم للناس المحتاجين بالمال.
وتلك النوعية من الرقاة هم من زاد الأمر تفاقماً حيث تجاوزوا موضوع الرقية إلى الكشف عن الأمراض، وتشخيص الداء، ولو عن طريق الهاتف، أو القنوات الفضائية، وبرامج التواصل الاجتماعي، فيحكمون على هذا بأنه محسود، وذاك مسحور، وذاك معيون!!
ومن هنا ينبغي على الجهات المسؤولة وبالذات الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعلى رأسها الرجل النشط الهمام د. عبدالرحمن السند أن تكثّف جهودها بمحاربة هؤلاء بالتعاون مع بقية الجهات لتحمي المستضعفين من الناس من استغلال هؤلاء لهم، كما يجب على العلماء والدعاة وطلبة العلم والخطباء، أن يبصروا الناس بأمور دينهم، ومنها بيان أحوال الرقية الشرعية، وتوضيح شروطها، وقواعدها، وآدبها، وتحذير الناس من المتاجرين بآلام الناس، وحاجتهم، وأن يتثبتوا من أهلية من يرقي قبل الذهاب إليه، فقد يكون من المشعوذين والمتطفلين على الرقية، وكثير من مشكلات الرقية سببها اندفاع الناس نحو بعض الأشخاص مجهولي الحال لمجرد توصية من فلان أو فلانة، أو معلومات وردت في برامج التواصل الاجتماعي التي أسهمت في نشر كل صالح وطالح.