محمد بن فهد العمران
مع اقترابنا من عام 2016م يتفق معظم المحللين الاقتصاديين حول العالم على أن عام 2016 سيكون عاماً صعباً على كبرى الاقتصادات العالمية وأسواقها المالية، وحتماً سيختلف كثيراً عن الأعوام السابقة بسبب مجموعة من العوامل المؤثرة، من أهمها: تباطؤ نمو عدد من الاقتصادات الكبرى، ودخول بعضها رسمياً في مرحلة الانكماش (مثل الصين واليابان)، والانخفاض المستمر في أسعار السلع الرئيسية (مثل المعادن والطاقة)، والارتفاع المتوقع قريباً في أسعار الفائدة على معظم العملات، وأخيراً تحولات أسعار صرف العملات الرئيسية، التي بدأت إرهاصاتها الأولى منذ نهاية عام 2014م.
لا شك أن عام 2016م سيكون عاماً صعباً علينا أيضاً في المملكة، إن لم يكن أصعب عام سنواجهه منذ التسعينيات الميلادية، بعد دورة اقتصادية طويلة نسبياً من النمو المتواصل. وما يهمنا هنا بالتأكيد هو الشكل الذي ستكون عليه أسعار النفط في الشهور القادمة، التي تشير التوقعات إلى أنها ستواصل التحرك في مسارات غير واضحة، وأن أسعارها قد تشهد المزيد من الهبوط لما دون 40 دولاراً للبرميل، وربما ما دون 30 دولاراً للبرميل، في ظل وجود تخمة في المعروض، إلى جانب وجود مخاوف من أن نسبة عالية من الطلب على النفط موجهة للتخزين الاستراتيجي من قبل الدول المستهلكة، بدليل تسجيل مخزونات النفط مؤخراً مستويات قياسية عليا جديدة، لم يسبق الوصول لها، وهذا بالتأكيد أمر مقلق جداً!!
ولذلك أرى أننا سنواجه في عام 2016م اختبارات اقتصادية صعبة جداً، ستتطلب منا عقلانية واحترافية مختلفة للتعامل مع ملفات اقتصادية داخلية، مثل: عجز الموازنة المالية، وترشيد الإنفاق الحكومي، وآلية تمويل عجز الموازنة، وتبني برامج جديدة لدعم الإيرادات الحكومية (مثل ضريبة القيمة المضافة)، وفك الدعم عن بعض القطاعات، وتفعيل برامج الخصخصة، وخلق فرص عمل للشباب السعودي، ومواجهة مشكلة الإسكان، إلى جانب ملفات أخرى خارجية، ترتبط بالاقتصاد العالمي، مثل: انخفاض أسعار الطاقة، وتباطؤ النمو في الاقتصادات الناشئة، وارتفاع أسعار الفائدة، وتغيرات أسعار صرف العملات العالمية؛ ولهذا السبب يجب أن نكون في قمة العقلانية والاحترافية بعيداً عن العاطفة والمجاملات.
ومن جانب آخر، لا تزال المخاطر الجيوسياسية تشكِّل ضغطاً على اقتصادات منطقة الشرق الأوسط عامة، ومنطقة الخليج خاصة؛ بسبب الأوضاع في اليمن وسوريا وليبيا، والحرب ضد الإرهاب، إلى جانب التوترات الأخيرة بين روسيا وتركيا، بينما قد تستمر هذه المخاطر خلال العام القادم، وهذا بدوره سيزيد من صعوبة مواجهتنا للاختبارات الاقتصادية كنتيجة طبيعية للعلاقة المباشرة بين السياسة والاقتصاد. أما إذا حدثت مفاجآت سعيدة على المستويين السياسي والاقتصادي فعندها حتماً سنغير من نظرتنا تجاه عام 2016م إلى الشكل المطلوب، وسيكون حينها لكل حادث حديث.