د. محمد عبدالله العوين
كان لقرار وزارة الداخلية توصيف وتصنيف اثني عشر من رجال الأعمال غير السعوديين في المملكة بأنهم عملاء لـ «حزب الله» تأثير كبير في إرباك حسابات الحزب الفارسي الشيطاني وعملائه، وغارة أمنية سعودية مظفرة على أيد استثمارية تمد الحزب بأموال هائلة أو تهيئ لعملياته التخريبية في المملكة وغيرها من بلدان العالم أسباب النجاح؛ وهو ما أصبح حقيقة أمنية مقطوعاً بها بعد البحث والتحري في مجمل عمليات تخريبية غادرة خطط لها الحزب ونفذها في بلادنا خلال ثلاثة عقود ماضية، وليست عملية المجمع السكني أبراج الخبر 1417هـ إلا أبرزها والتي تولى كبر جرمها «أحمد المغسل» الذي قبض عليه الأمن السعودي أخيراً بعد لجوئه إلى أسياده في إيران عشرين عاماً، ولكن التاريخ يرصد للمنتمين إلى المنظومة الخمينية الفارسية الذين يديرهم «حزب الله» في لبنان أعمالاً إرهابية عدة؛ كتلك التي اقترفوها في حج 1407هـ أو تفجير منشآت شركة صدف الكيماوية بالجبيل 1988م، أو اغتيالهم الدبلوماسيين في سفارة المملكة ببانكوك، أو ما يتكرر حدوثه بصفة شبه شهرية من أعمال خيانية تستهدف المواطنين ورجال الأمن في قرى القطيف يرتكبها شبان متطرفون منتمون إلى الفكر الشيعي الفارسي ومخططاته العدائية ضد المملكة والأمة العربية.
وإذا كان عملاء «حزب الله» الذين صرح بيان وزارة الداخلية بأسمائهم الصريحة أو المنتحلة وبمجالات نشاطاتهم التجارية خونة وعملاء يهيئون أو يساعدون على قيام الحزب بأعمال إرهابية؛ فإن من المنطقي أن يكون الحزب نفسه الذي ينتمون إليه إرهابياً؛ فلم يصنف -مثلاً- المسمى «حزب الله الحجاز» إرهابياً؛ بينما لا يصرح بأن «حزب الله» اللبناني الذي تأسس 1982م إرهابي؟! وهو أول حزب شيطاني فارسي في المنطقة العربية بعد قيام ثورة الخميني المشؤومة 1979م.
لقد وضعت الدولة ممثلة في الجهاز الأمني يدها على مصدر واحد من مصادر تمويل «حزب الله» في لبنان؛ وننتظر أيضاً أن يمتد البحث والاستقصاء والتحري إلى مصادر أخرى يمكن أن تتسرب منها تغذية مالية لا للحزب الشيطاني وحده؛ بل إلى الدولة الراعية له؛ وهي الدولة الفارسية، وأعني بهذا الاحتمال الوارد مما يجنيه عدد من مراجع وفقهاء الشيعة وأسيادهم من أموال طائلة باسم «الخمس»، فلا أحد يعلم علم اليقين أين تذهب تلك الأموال التي يجبيها المعممون من الفقراء والبسطاء الذين يندفعون طوعاً أو كرهاً لتقديم خمس ما يكسبون إلى علماء الحوزات أو فقهاء الطائفة وأسيادها، ولو تتبعنا قصة «الخمس» لم نجد لدى فقهاء المذهب قبل عام 400هـ أي ذكر أو أية إشارة لمفهوم الخمس على النحو الذي اجتهد في صياغته المتأخرون من فقهائهم؛ فلم يشر إليه أحد من هؤلاء الرموز المعتبرين في الطائفة الشيعية؛ كالشيخ المفيد ت 413هـ أو السيد المرتضى علم الهدى ت 436هـ أو أبي جعفر الطوسي ت 460هـ وغيرهم.
وقد تأول مفسروهم المتأخرون تأويلاً يحقق مصالح الطائفة في قول الله تعالى
{وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ} (41 سورة الأنفال). وبعيداً عن أقوال الفقهاء المتعددة في تفسير الآية الكريمة؛ فإن الدولة هي المسؤولة عن توزيع الفيء وتنفيذ ما تأمر به الآية الكريمة في حالة الحروب؛ لا الفقهاء ولا غيرهم ممن يندفعون لتطبيق ذلك وفقاً لاجتهادهم أو تحقيقاً لمصالحهم وتكبيراً لثرواتهم التي أصبحت حديث وسائل الإعلام.
ومثلما أشرفت الدولة على عمليات التبرع للجمعيات الخيرية ووضعت لها ضوابط محددة وسبلاً مكشوفة معروفة؛ فإن إشرافها أيضاً على ما يجمعه فقهاء المذهب وأسياده من عامة المنتمين إلى التشيع في حالة السلم أو الحرب واجب أمني يحتمه الاضطراب السياسي الذي تمر به المنطقة، ثم حالة الالتباس في الصلة بين بعض المنتمين إلى المذهب الشيعي وإيران الفارسية.