كوثر الأربش
وُجدتْ رسومات هولندية تعود للقرن الثامن عشر، يظهر فيها سكان آسيا وإفريقيا كهمج، فيما تصور رجلاً إنجليزياً وآخرين هولندي وفرنسي بمظهر متحضر. وهذا ما يطلق عليه علماء الاجتماع بالصورة النمطية (Stereotype). تعني الحكم المبني على فكرة مسبقة، بحيث يصبح هذا الحكم شائعًا وتعميميًا. ما يجعل الحكم بعيداً عن الموضوعية التي تستقي أحكامها عن دراسات وبيانات وإحصاءات رياضية.
الإعلام والفنون والسينما والخطاب العام والمتخصص عمقوا تنميط الفكرة ذاك، فالمدخن «جنتل»، المثقف بوهيمي، المرأة العصرية رشيقة، والإرهابي ملتحٍ! كل تلك الأنماط تم حقنها في الذهنية البشرية من خلال برامج واعية أو غير واعية.. لكن في النهاية لا أحد منا يمكنه أن يتخلص من الصورة النمطية تمامًا، لأن زراعتها في اللاوعي كان قديمًا ومكثفاً.. حتى رسام الكاريكاتور العربي يرسم المتطرف بثوب قصير ولحية طويلة، رغم أن التطرف ليس مقتصرًا على العروبة ولا الإسلام ولا اللحية الطويلة.
هذا الأسبوع، في نيويورك تحديداً، تم اعتقال أمريكي بتهمة جريمة الكراهية وتهديد حياة طفل، حين قام باستفزاز مسلمتين وطفلهما، ثم البصق عليهما وتوعدهما بأنه سيحرق المعبد الذي تصليان فيه. ووصفهما بالإرهابيتين، لأنهما محجبتين!.. حين شاهدتُ الفيديو الذي بثه DNAinfo الإخباري الأميركي، على اليوتيوب. عرفتُ أن هناك صورًا متداخلة من التنميط المسبق: الأمريكي حكم على السيدتين بالإرهاب لأنهما محجبتين. الصورة النمطية: الحجاب = الإرهاب. فيما نحن كمشاهدين واقعين في صورتين نمطتين أخريين: الأمريكي من أصل أسود. السود= مضطهدون، (فيما هنا الأسود مضطَهِد وليس مُضطهَد). الصورة الثالثة: المتطرف= عربي ملتحٍ بثوب قصير، (فيما هنا المتطرف أمريكي، بجينز وقبعة).
لو راقبنا التفاصيل الصغيرة من حولنا، سنتمكن من تحليل مئات الأنماط التي أصبحت محض بديهيات. لعرفنا أبعاداً أخرى ومتنوعة لما حولنا. عرفنا، مثلاً، أنه ليست كل امرأة غير منقبة يعني أنها أقل تقوى، ليس كل مبتسم إنساني ولطيف؛ وهكذا..
فككّ أنماطك الذهنية، جرّب الآن..