د. خيرية السقاف
لا تكن حملا وديعا، بل أسدا هصورا،
أو ثعلبا ماكرا، أو ذئبا مفترسا..
فأن يهابوك أفضل من أن يهملوك، ويجرحوك..
لا تكن نسمة عليلة، بل شوكة وسهاما،
على الأقل يضعون لك خانة في ضابط تصرفهم
لا تكن طيبا، ودودا بل شرسا،
ولابأس متطفلا متلونا..
كي لا تُمس بسوئهم، وغبائهم، وهامشهم..
هي هذه قواعد التعامل التي يتخذها الناس سلمة، وطريقة، وطريقا..
في هذا الزمن الاستهلاكي لكل القيم، وفيها قيم التعامل مع المصلحة، والآخر..
أما الناس فلا منازل عند الغثاء الأكثر منهم إلا للذئاب،
للوصوليين، للمتسلقين، للشرسين، للمتلونين، للمتطفلين..
فكن ذكيا تعرف كيف تنجو، وكيف تنتصر
على الأقل كي لا تُكسر، أو تُهمل،
كي لا تُغمط في حق، أو تُهزم من خسيس..
كي لا تحزن، أوتيأس..!
تمرَّد دون أن تتجاوز.. لأنك تحتاج إلى نفسك فلا تخسرها..
ترفَّع دون أن تناكب كي لا يضيع منك مكانك في الغوغاء..
تعزَّز دون أن تُلطَّخ كي تحفظ طُهرك عن التلوث..
كن في زمن التيه نقيا لكن عزيزا..
وفي جرف الطمي قويا لا ضعيفا..
وفي دخان الحرائق بوصلة سلام، وملاذ أمن
وفي تيه الغوغاء مطمئنا ومنتصرا..!!
إن هذا الوقت زمن المتنمرين وقواهم رخوة،
الأسود وزئيرهم جعجعة،
البراقة ثيابهم وبواطنهم مظلمة،
الصاخبين أصواتا ولغاتهم ركيكة،
هي هذه الحقيقة وإن لمَّعوها
وهو الواقع وإن زيفوه..
وهذا أنت، إن كنت حملا وديعا،
فكن بقلب جسور، بثقة مكينة ربَّانا لنواصي الخير
الذي يتسرب كالماء من بين أصابع المتلهفين في الحياة على دنياهم..!!