فهد بن جليد
أفكر ملياً هذه الأيام في تقديم (المشمش المُجفف) لضيوفي بدلاً من (المفاطيح)، هذا ليس بخلاً - والعياذ بالله - بل هو من زود محبتي لهم، وخوفي على صحتهم، ليصبحوا أطول أعماراً، وأكثر سعادة، بعدما توصل العلماء إلى أن (المشمش المُجفف) هو الغذاء الرسمي لقبيلة (هونزا) بجبال الهملايا ، والتي تعد الأسعد على مستوى العالم، من غير قصور في باقي (القبائل)!.
الفكرة تكمن أن أفراد هذه القبيلة (المُنعزلة) عن الحضارة العالمية، يعيشون في سعادة غامرة، ويُعمّرون حتى تجاوز الـ145 سنة، وينجبون حتى بعد تجاوزهم الـ90 عاماً، ولا يُعانون من أي أمراض عضوية أو نفسية، حيث لم تُسجل القبيلة أي مرض عصري (كالسكري، أمراض القلب، السرطان ..إلخ) طوال تاريخها، مما أثار العلماء ليبحثوا في حياة هؤلاء، لمعرفة السر الذي جعلهم المجتمع الأسعد، والأصح، والأطول عمراً مُقارنة بباقي البشر؟!.
العلماء وجدوا أن أفراد هذه القبيلة يبذلون جهداً عضلياً كبيراً، ويعتمدون في غذائهم على (المشمش المُجفف)،الذي يحوي سعرات حرارية كبيرة، ويقي من السرطان، ولا يتناولون في اليوم الواحد أكثر من (وجبتين فقط) تحوي الحنطة السوداء، والدخن، والشعير، والقمح، المخلوطة ببعض الخضار المُجففة، والدجاج، ويتسلّون في وقت الفراغ بالمكسرات واللوز، والأكثر تعجباً أنهم يخصصون (سبعة أيام) في فصل الربيع من كل عام (للصوم)، والتوقف عن تناول الطعام والشراب نهائياً!.
عادات هذه القبيلة تثير جدلاً واسعاً بشأن النظام الغذائي الذي يُطيل العمر، ويجلب السعادة للإنسان، وكيف أن وسائل الرفاهية والتواصل، والتطور التقني والغذائي، لا يمكن أن تجلب السعادة والراحة للإنسان طوال الوقت، بل ربما تسببت في إصابته بالأمراض القاتلة؟!.
المحزن أن الإنسان قد يكتشف في وقت مُتأخر أنه يجب أن يغير من روتينه الغذائي والحياتي، بحثاً عن (عمر أطول) بأمر الله، بعيداً عن الأمراض العضوية والنفسية، والذي يتمثل في القرار (الصامت) غير المبرر، لأغلب (المتقاعدين) في مجتمعاتنا، عدما يُغادرون المدينة وضجيجها، لكسر الروتين المُمّل، والبحث عن الحياة الهادئة في الهجر والقرى أو المدن الصغيرة، بعيداً عن الصخب!.
كُل ما سبق (بأمر الله) عز وجل الذي قدّر أعمارنا وأرزاقنا، ولكن الاستمرار على ثقافة (المفاطيح) دون الاستفادة من تجربة (جماعة هونزا) سيكون أقصر الطرق إلى رحمة الله؟!.
وعلى دروب الخير نلتقي.