أحمد محمد الطويان
ما كان يستغرق سنتين أصبح ينجز في أسبوعين، صانع القرار يعرف المجتمع، ويدرك التحديات، ويعتقد جازماً بأن لا شيء مستحيلاً، والترتيب والتنظيم والعمل الجاد ستجعل الطرق ممهدة للوصول إلى الهدف.. ليس كلاماً إعلامياً يفخّم ويكبّر ويجمّل، هذه السعودية فعلاً وقولاً. هذه اختصار لرؤية يصعب اختصارها تتعلق بالشأن المحلي، وتحديات التنمية والتحديث وتنويع مصادر الاقتصاد. صانع القرار قادر على قراءة التهديد، ويعرف جيداً كيف يحمي تنمية بلاده
واستقرار شعبه وأمانهم.. الكلام لا يتطلب الكثير من الجهد، لكن ما نراه ونسمعه فعل فيه الكثير الكثير من الجهد والمثابرة ومواصلة الليل بالنهار.
في أقل من أسبوعين ظهر إلى النور «نظام» من أعلى سلطة في البلاد، له صفة العلو قانوناً وتنفيذه ملزماً ويخضع للمتابعة المستمرة، يُلزم ملاك الأراضي غير المستثمرة والمهملة داخل النطاق السكاني بدفع رسوم تُحصل من الجهة الحكومية المختصة وتودع المبالغ في حسابات صندوق يُعنى بتوفير الإسكان للمواطنين السعوديين، هذا القانون الذي راهن البعض خصوصاً أولئك الذين «لا يعجبهم العجب ولا الصيام في رجب» على عدم إقراره، وأن إثارة الموضوع ليست إلا إبرة بنج، تسكّن آلام جرح السكن لدى المواطنين، وإقراره بهذه السرعة جعلهم يلتزمون الصمت، فالعزيمة والرغبة بالإنجاز تعدّت بمراحل اختبارات المعتادين على التأليب ضد الحكومة باستخدام الجانب التنموي الحكومي.
أوراق المعترضين والراغبين بالجماهيرية المزعومة من خلال لبس رداء المظلومية الشعبوية المفتعلة سُحبت. تلك الأوراق التي ضُخّمت وضخَّمت جيوب مغردي تويتر وضيوف برامج اللطم الفضائي، وُضِعت أخيراً على طاولة القرار الحكومي عند قيادة البلاد، فلا مكان ولا وقت ولا حاجة أبداً للمزايدات والعنتريات. وأصبحت حكومة البلاد بمجلسها الكبير ومجلسيها التنفيذيين تقود الملفات الأكثر ملامسة للناس بسرعة وأكبر، وبعد دراسة مستفيضة لا تعطل الإنجاز ولا تؤخره، وهذا التطور الإداري الذي نشهد بداياته، ليس مستغرباً على ثقافة الحكم العريقة التي تعرف كيف ومتى تطور أدواتها وبرشاقة وانسيابية تتكيف مع المستجد والمتغير.
مرت السعودية في سنوات عمرها السياسي والتنموي والأمني بأحداث كثيرة ومثيرة، وتعاملت معها بحكمة واعتدال، فلا يوجد دولة في منطقتنا على الأقل تواجه كل هذه التحديات وتبقى صامدة، السعودية لم تصمد فقط، بل نمت وازدهرت أكثر، وعاشت التحولات مستفيدة من إيجابياتها ومتقية لشرورها، لا أتحدث عن عام 2015 أو هذا العِقد أو هذه المرحلة، ولكن سلسلة التحديات رافقت هذا الكيان منذ اليوم الأول، وعاش الكيان بين القوى العالمية في حرب كبرى، ومارس السياسة بأقصى احترافية لتسلم الدولة وتأمن، ومن ثم تعددت التحديات داخلياً وخارجياً، وكانت أمام تحدٍ كبير في الستينات وتجاوزته بنجاح وتغلبت على قوى التهديد المستعرة، والمد الثوري الأهوج، وبقيت المنطقة ملتهبة بحروبها العسكرية والسياسية، وواجهت هذه الدولة أياماً ليست سهلة بانخفاض أسعار النفط، ولم تغير الأزمات شخصيتها السياسية المتماسكة والقوية، محلياً في مجتمع ينظر لقيادته نظرة الابن لوالده، وخارجياً في تعقيدات الأزمات المتخثرة والمتعثرة. تهديدات اليوم ليست جديدة، ولكنها مختلفة قليلاً، واختلافها يكمن في نوعية التهديد، نحن أمام إيران بأدواتها الاستخبارية المتجددة، وأمام ما تسمى بداعش، ونواجه بحزمنا تهديد جماعة الحوثي، وأمام طموحات تنموية كبرى، وحاجات تنموية كثيرة، ومجتمع اختلف أكثر وأكثر، وأسعار النفط نسعى بأن لا تكون هاجسنا، وإصلاحات اقتصادية تعبر عن السعودية العصرية. نحن أيضاً أمام تحدٍ من نوع آخر يتعلق بسمعتنا، الغرب لا يريد أن يفهمنا كما ينبغي، ويعتقد بعضهم بأننا مفرخة الإرهاب، والإرهابيون يعتقدون بأننا كفار نستحق القتل! صانع القرار الذي لا يحب إضاعة الوقت ويعشق الإنجاز ويغرس أزهار سعوديتنا الزاهية في بستاين العالم الأول سيتجاوز بالمركب الأمواج العاتية، وسيفتح الأبواب لمن يريد أن يعرفنا، ويكون صادقاً في بحثه وأميناً في نقله، ولن نهتم شعباً وحكومة بمن لا يريد استيعابنا... نحن بصانع القرار من علو إلى علو حتى نصل في سماء أحلامنا أعلى الأماكن وأكثرها سمواً ورفعة.. وهذا ما نستحقه.