عبدالعزيز بن سعود المتعب
أن يخرج إلى الناس عبر شاشة فضائية ويُحتفى به فهذا شأن المُحتِفي والمحتَفَى به.. لكن أن يتمادى في أكثر من مناسبة في تجاوزاته بحق الشعر الشعبي وتاريخه، فهذا ما لا يُقبَل منه أو من غيره.. وأتساءل هل (برستيج حرف الدال) يُجيز له مالا يُجيز لغيره -كما يتوهم بعيداً عن تفسير النوايا- ولأنني أثق بأن الإجابة المنطقية بالنفي كان لابد من الرصد الموضوعي بعيداً عن الشخصنة.. باختصار لقد كذب على الشعراء الشعبيين الأحياء منهم والأموات حين قال ما نصه: (الشعراء الشعبيون لم يتطرقوا لكل مناحي الحياة، وقصائدهم ذاتية!).
قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ} (119) سورة التوبة.. وعن أبي محمد «الحسن بن علي» بن أبي طالب رضي الله عنهما، قال: حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم: «دع ما يريبك إلى مالا يربيبك، فإن الصدق طمأنينة، والكذب ريبه» رواه الترمذي.
وأسال دكتورنا هنا.. ألم يتطرق الشعراء الشعبيون منذ مئات السنين في قصائدهم إلى الصبر والصدق والاستقامة وطرق الخير والتعاون على البر والتقوى والنصيحة وأداء الأمانة وتحريم الظلم والشفاعة والإصلاح بين الناس وبر الوالدين وصلة الأرحام وحسن الخُلق والحلم والعفو والأعراض عن الجاهلين وحفظ السر والوفاء بالعهد وإنجاز الوعد واستحباب طيب الكلام وطلاقة الوجه عند اللقاء وإكرام الضيف والتثبُّت في القول ويسطروا أجزل القصائد الوطنية المُشرِّفة؟!.
ثم أتساءل بحيادية إذا كان كل هذا الحضور الفاعل للشعر في الحراك الثقافي والأدبي لم يلفت نظر الدكتور الذي أغمض عينيه عن الحقيقة فهل يعلم -من حيث يدري أو لا يدري- بأنه أحرج نفسه في موقفه بشكل جعل الكثيرين عبر وسائل التواصل الاجتماعي وتحديداً -تويتر- يدحضون موقفه بالحجج الدامغه من نماذج الشعر الشعبي التي تؤكد له تحامله على الشعر الشعبي؛ وإلاَّ لما كانت هذه النماذج من تاريخ الشعر الشعبي تُقِّوي موقف وتُضعِف موقف في المقابل في توثيق لا يقبل أنصاف الحلول؟!.
المؤسف أن بعض من ينحسر عنهم الضوء يبحثون عن الإثارة أحياناً وهذا شأنهم، ولكن يجب ألاَّ يكون ذلك على حساب الأدب الشعبي وتحديداً -الشعر الشعبي- الذي هو جزء لا يتجزأ من أدبنا الشعبي الذي نعتز في الجانب المُشرِّف منه.
وقفة للشاعر الكبير بدر الحويفي:
الكلمه التافهه ما تدخل اسماعي
ما اعامل الناس بالفوضى واشربكها
ما اكرب حزامي عليهم وافسر ذراعي
ولا اصفق عليهم كفوف الغيض وافركها
عقلي عن الظلم والتزوير ردَّاعي
ما دامي املك كفاح النفس وادركها
وان حاول الضد مد الشبر والباعي
وقامت ضروسه على خصمه يحككها
اكيل للِّي يكيل الصاع في صاعي
واعرف جواب الخصوم بقول يربكها