د. خيرية السقاف
أتخيّل أنّ عيون, وآذان الكتّاب, الإعلاميين في ركض مستديم,
يتابعون بها الزّخم من حولهم, وركامه المتسارع على مستوى الوطن, والجيرة,
والقوم, والأمم, والعالم بأجمع بعد أن تمكنت لهم جميع السبل, والوسائط, والوسائل..
ومع أنهم أول من في الواجهة, وآخر من يُشفق على قلقهم, وخيباتهم..
إلاّ أنهم كالجنود يرابطون,..!
أتخيّل أنهم يقفون تارة يتأمّلون متناقضات الأحداث, يتفكرون في غموضها, يلتقطون ما يواصلون به ربط نسيج مواقفها, ووقائعها,
وأنهم يفصلون جزئيات ما يبدو لهم فيها من علائق, وما بينها من وشائج دون أن يتفلت مما يجمعونه شاردة, أو واردة..
ثم إنهم يَخلُصون برؤية, ويتبنّون رأياً, ويتخذون موقفاً,
وهم قد يختلفون مع آخرين من صنّاع الأحداث,
وقد يحنقون تارة من واقعة, وقد يسخطون تارات على نتائج,!!
بعضهم قليلاً ما يرضى, وكثيراً ما يتوه..!!
كما أتخيّل منهم من يئن لفرط حسراته, وتناكب ذرّات حيرته, وفداحة آلامه,
لغور جروح الحقيقة التي قد يمسك بطرفها حيناً, وتتفلت من بين أصابع مداركه تارات..!!
كما أتخيّل منهم من إذا أثقلت عليه متناقضات, وإفرازات, وصبيب الواقع يتخذ له جانباً,
مع أنه لا يمتنع عن السماع, والتأمُّل, والتفكُّر, والإحاطة بكل ذلك, وإنما يرأف بقلمه أن ينزلق فيما يشوب, وما يمكن أن يلحق به من أكدار تعمي عليه صفو الرؤية, ونصاعة الحقيقة,
فيذهب يبث من معين صمته, وصبره ما يرى أنه الأبقى بعد فناء النقاء,
والأنجى بعد دمار السلام..
هؤلاء لا أتخيّل أنهم يتسطّحون..!!
تحديداً الصادقين مع أنفسهم قبل غيرها, الحاملين رسالتهم كما ينبغي.
وأُقصي تماماً عن تخيُّلي أولئك المتسطّحين, الراكضين كالغبار,
الغافلين عن الرسالة الإعلامية, المتشبِّثين بأثوابها, وانعكاس أضوائها..!!