د. خيرية السقاف
لا يمكن أن تذكر الرياض دون أن يتجلى اسمه في مداها، صديق «الرياض» المدينة،
سنوات من العطاء، والكفاح، والتخطيط، والتنفيذ، والتوسيع، والربط، والبناء،
لتصبح أم الروضات التي أحب أن أصفها بمدينة الشمس، والمآذن، والنماء ذاتا جميلة غناء، وضاءة، مميزة بصفات تواكب حاجة الإنسان، وتحضُّره، وتمدُّنه..
فالمدن في يقيني، هي اللسان الناطق عن ساكنيها..، الدليل عليهم.. الشاهد لهم..!!
تبسط لهم يديها ليتفاعلوا مع مرافقها، ومنشآتها، وطرقها، ووسائل نقلها، وحدائقها، وأسواقها، وملاهيها، ومكتباتها، ومصحاتها، ومتاجرها، ومدارسها، ومتاحفها، ومنشآتها الرياضية، والفنية، تفاعلاً حيوياً،
تتيسر لهم فيها السبل، ووسائل الاتصالات، والإنارة، والتدفئة، والتبريد، والماء، ونقاء الهواء، ونظافة الممشى..
توفر لهم أركاناً وزوايا يتخلصون فيها من كدرهم، وهمومهم، حيث يرسلون نظراتهم تطوق خضرتها، وتمتد لفسحة مائها،.. في أجواء تمدهم بعذب هوائها..
ولقد فعل صديقها المخلص الكثير لتغدو الرياض المدينة أنموذجاً لهذا الطموح فيها بدأبه، وصمته، وجده..، أنسنها بحسه، وحرصه، ووعيه..
فلقد كانت، ولا تزال بصماته عالقة في الأذهان، بملامح دأبه، ونهج عطائه، وبذل وقته، وقربه من كل صوت، وتفاعله مع كل موقف..
ولا تزال «الرياض» شاهدة لعطائه في طرقاتها، ومنشآتها، ومرافقها، وحدائقها، ومعابرها..!
هو ذا سمو الأمير الدكتور «عبدالعزيز بن محمد العياف» أمين أمانة مدينة الرياض سابقاً..
شريط أستعيده اللحظة عنه، فهناك مواقف كثيرة تشهد له بأن الرياض كانت هاجسه،
فهو واحد من المسؤولين الذين لا يترددون عن إجابة كل من يقصده مهاتفة، ومواجهة..
إذ يبادر، ويستجيب، ويتفاعل مُقصيا أي اعتبارات شخصية لمن يقصده إلا الاعتبار الأهم، وهو أن من يقصده مواطن له في الرياض خطوة فوق ثراها، وأنفاس في فضاء مداها، وحياة تمتزج بنسيجها، تلتف حول معصم محتواها..!
من ضمن ما أذكر عنه أنه حتى في إجازة نهاية الأسبوع يتلقى شخصه الملاحظات، ويبادر لحلها فور وصولها إليه،
كما أذكر أنه قد شكل فريقا أشرك فيه المواطن ببطاقة انتماء ليكون صديقا للأمانة، واحدا متطوعا في فريق متابعة أحوال المدينة اليومية في الشارع، ومن ثم عند الوقوف على ما يلفت ينقل المقترحات، والاحتياجات، والملاحظات لمن خُصص عمله من موظفي الأمانة داخل أجهزتها بأمر ما من شؤون المدينة الشاسعة النامية «الرياض»..
لقد وظّف هذه العلاقة رغبة منه فيما يحقق مفهوم الأمانة الدلالي، ليتجسد فعلا ناطقا في الميدان، وأداءً سريعاً بكل الوسائل التي سخرها لذلك تتكامل بجميل هذه المشاركة بين المواطن، والمسؤول..!
فالعياف الإنسان، دون ألقابه وجه مشرق في سجل الرياض، ومسؤول له دوره الذي لا ينتهي، ولا يغفل..
فلئن مرّت الرياض بحلقات متواصلة مكوكية في التطور مذ نفث فيها «سلمان بن عبدالعزيز» طموح شبابه، ووقيد عزيمته، وتدفق حسه، فإن أمانتها أيضاً قد مرّت بحقب متتالية متواصلة من النجاح، بلغت أوجها في نقلتها على يديه لتكون أنموذجاً للأبعاد العديدة لإنسانية العمل، والتخطيط، والمشاركة، والتمدن، والتطور الواعي الذي ينصب في النهاية في انسيابية المعاش اليومي للفرد داخل هذه المدينة الكبيرة بكل ما يتعلق بمهام أمانة المدينة.
جاءت الشواهد المدونة عن هذه الأبعاد فيما أصدره -مؤخرا- هذا الصديق للرياض، ربان أمانتها في سجله، وسفر بصماته عنها في كتابه المعنون: «تعزيز العمل الإنساني في العمل البلدي، الرياض أنموذجا»..
قد تكرم فخصني بنسخة منه أضاف بها لمكتبتي وثيقة ملهمة، كما أكد بها علاقتي بهذه المدينة، مدينة المطر، والمآذن، والشمس، الشاهدة للصحراء بالنماء، هذه العلاقة النابضة أبدا..
أقول له بعد رحلة قراءة ماتعة لهذا التوثيق الدقيق الناطق صورة، وحرفاً، الملهم بإيحاءات أم الروضات الرياض: أنت الرياض دكتور عبدالعزيز، بسهرك، وحدبك، وصدقك، في كل ذرة فيها انبساطها، وعلوها، وشواهدها، إذ لك فيها ما فيها من بصمات لا تمحى حين القفز عن لسع التراب، لبرد ظل خمائل ناطحات السحاب، لا تغادر ذاكرتها، ولا تاريخها، فمرحلتك فذة كأنت.
أضأت مكتبتي بمصباح مسيرتها في سيرتك العبقة التي تمتد وتشرق،
فأنت في رياضك الآن في موقع آخر يضيف لها، ويضيء فيها، ربانا في إدارة جامعة الأمير سلطان أميناً مؤتمناً، وفاعلاً صادقاً، وأكاديمياً إدارياً متميزاً، تعيد مواصلة مسيرتك الأكاديمية التي بدأتها حين كنت من أوائل رؤساء قسم التخطيط العمراني بكلية العمارة والتخطيط بجامعة الملك سعود، وعضواً في هيئة التدريس فيها..
دام عطاؤك وفقك الله،
وحفظك أنموذجاً..