د. محمد البشر
دول الخليج ست من الكواكب السيارة اللامعة في هذا العالم المليء بعدد كبير من الكواكب والنجوم اللامعة وغير اللامعة، وهي في منظومتها تضيء لشعوبها، ولشعوب المنطقة الطريق، لعل من يصبو إلى طيب المنال، يسير في دروب الخير لإسعاد أهله والمساعدة في إسعاد العالم أجمع.
الحكم على نجاح الحكومات من عدمه، يمكن أن يتم من خلال قدرتها على توفير الأمن والتلاحم بين أفراد الشعب، وتوفير البنية التحتية الكافية، بما تشمله من خدمات طبية وماء وكهرباء واتصالات وغيرها، وما تشقه من طرق وأنفاق وغيرها، وما تشيده من موانئ ومطارات، وما توفره من تعليم نافع، في مراحل طلب العلم المختلفة.
والمنصف سيرى بأم عينه، ويدرك بما منحه الله من عقل، أنّ دول الخليج بحمد الله ومنّته، قد حققت الكثير من تلك المعطيات إن لم يكن كلها فجلّها، وأضحت تلك الكواكب الستة مضيئة في سماء قد أسدل عليها الليل ظلامه أو كاد، ولعل بارقة أمل مشرق تجلب ضياء صبح طال انتظاره لتمتلئ منطقتنا بالكواكب دون اقتصار على دول الخليج فحسب.
إنّ وجود هذه الكوكبة في هذه المنطقة المليئة بالأحداث، جعلها تبذل ما تستطيع لتخفيف الآلام، وتلمس أسباب السلام، لعل التائه يثوب إلى رشده، والمغرد خارج السرب، يؤوب إلى سربه، فيسير الركب معاً في طريق النجاح، لا سيما أن دول الخليج ضربت ومازالت تضرب مثلاً لإمكانية إسعاد الناس، وهو ما يمكن لسائر حكومات المنطقة أن تفعله إن أرادت، وتخلت عن رواسب الماضي، ولذة الانتقام.
في منطقتنا العربية وما جاورها أضحت الأيدلوجيا المذهبية، والعنصرية العرقية تلعب دوراً كبيراً على الأرض، بل عشعشت في عقول، بعض قادة الحكومات، والمنظمات غير السوية، الخارجة عن مفهوم الإنسانية إلى مفهوم آخر ليس له طعم أو لون أو رائحة، وانجرت خلفها الدهماء بشتى مشاربهم، وحالاتهم العقلية والنفسية، وأضحت منطقتنا مثار تنافس دولي لزرع النفوذ هنا أو هناك، وتحقيق الغايات النبيلة وغير النبيلة، هذا إذا سلمنا أن ما يجري لم يكن من صنع أولئك المستثمرين والطامحين في مزيد من النفوذ.
دول الخليج لم تساهم قط في الخراب، لكنها بذلت الكثير من المساعدة في العودة إلى الصواب، فكان هدفها واضحاً وجلياً، ولعل وجود هذه الكوكبة من دول الخليج قد قلل آلام الشعوب التي دفعت ثمن طموح بعض القادة، ونزعتها المذهبية والعرقية.
دول الخليج حاربت الإرهاب بشتى صوره، وما زالت تحاربه، وهي التي اكتوت بناره، وكانت هدفاً من أهداف أولئك الضالين الذين لا يعرفون معنى الشفقة، وطعم الرحمة، ولا يرون الحق حقاً كسائر الأسوياء. فكانت هذه المنظومة الخيرة خير حرب عليه منفردة ومجتمعة ومتعاونة مع العالم أجمع للخلاص منه، خلاص طال أمده، رغم ما بذل في سبيل انتهائه، نهاية لا رجعة بعدها.
دول الخليج لا تتدخل في شؤون جيرانها سواء العربية أو غير العربية، ولكن ومع كل أسف، فإنّ هناك جارة نذرت نفسها للتدخل المستمر في شؤون البلاد العربية، ليس لخير يرجى، أو أمل يستجدى، وإنما لنشر نفوذ من خلال التعصب لمذهب بعينه، واستخدامه أداة لأغراض عرقية وسياسية، وهذا أمر مخالف للدين الإسلامي والعقائد، والأعراف الدولية، والقيم الإنسانية، ومع هذا فلم تعامل دول الخليج تلك الجارة بنفس الأسلوب، وهي القادرة على ذلك، لكنها تحرص على حل الأمور بالتي هي أحسن مع قدرتها.
ومحزن حقاً أن تستمر تلك الجارة في احتلال جزر إماراتية، وتثير البلبلة في البحرين، وتدخل سلاحاً بطرق غير مشروعة إلى الكويت، وتحاول استغلال بعض الأفراد في المملكة لإثارة الفتنه، وتسلط ألسنة إعلامها على دول الخليج لاسيما المملكة، وترسل سيلاً من الافتراءات والكذب، وتطنطن حولها على مدار الساعة.
دول الخليج ورثت فعل الخير عن الآباء وستظل كذلك، وساعدت من يحتاج إلى المساعدة بغضّ النظر عن دينه أو مذهبه أو عرقه أو موقعه في هذه الأرض الفسيحة، وساعدت في نشر السلام، وإغاثة الملهوف، والحنو على المستضعف، ومناصرة الطالب للنجدة وهو على حق، وساعدت في نشر العلم وبناء المستشفيات، وشق الطرق، دون انتظار لعائد مادي أو سياسي أو أدبي، حفظ الله دول الخليج، وأدام عليها الأمن والأمان.