موضي الزهراني
احتفل العالم في 10 أكتوبر 2015 باليوم العالمي للصحة النفسية تحت شعار «الكرامة في الصحة النفسية» واحتفلت أيضاً كثير من الجهات الحكومية لدينا وذات الاهتمام المباشر بالمرضى والحالات النفسية مثل (وزارة الصحة، ووزارة الشئون الاجتماعية) بهذا الشعار الإنساني الهام الذي يؤكد على أهمية الحفاظ على كرامة المريض المستفيد من الخدمة النفسية، لأن الكرامة من أهم القيم الأساسية لحقوق الإنسان ولها جوانب متداخلة مثل «الاحترام، الاستقلالية، وتقدير الذات، والخصوصية، والتحرر من إساءة المعاملة، والاندماج في الحياة المجتمعية، والتحرر من التمييز».. خاصة بأنه لا صحة دون صحة نفسية، وهذا المستوى من الصحة لا يتحقق من خلال انتهاك حقوق الإنسان وكرامته! ولا يتحقق من خلال إهانة المريض النفسي للحصول على الرعاية الصحية والنفسية باحترام وتقدير، ولا يتحقق من خلال إهانته وإفشاء أسرار مرضه والتندر بها في المجالس العامة! ولذلك فإن الجهات المسؤولة عن الخدمات النفسية لديها العديد من الإمكانات المادية والبشرية لتقديم خدماتها للمستفيدين، لكن مازالت بحاجة للتركيز على أهمية رفع درجة الاهتمام بالتوعية الأسرية والمجتمعية تجاه الخدمات النفسية وآليات تنفيذها وتقديمها للمستفيدين.
فالمنظمة الصحية العالمية كمثال تهتم بزيادة الوعي لضمان حقوق المرضى النفسيين وأن يتمتعوا بالعيش بكرامة وخصوصية، وذلك من خلال وضع القوانين المتماشية لحقوق الإنسان والمؤيدة لها، ولكي تحافظ تلك الجهات الاجتماعية والصحية على حقوق مرضاها عليها أن تُركز على أساسيات هامة في العمل مع الحالات التي ترعاها وتأويها ومنها: تدريب العاملين تدريباً يؤهلهم تأهيلاً مهنياً وإنسانياً يحافظ على كرامة المريض، والاهتمام باحتياجات المريض النفسية وراحته في دراسة مشكلته واتخاذ القرار المناسب بشأن حالته، بدون إهانة أو تذمر منه، وتدريب الأهالي على كيفية تقبل مرضاهم واحتوائهم عاطفياً!.. فالمصابون بالاضطرابات النفسية داخل المراكز الاجتماعية أو الصحية قد يحظون بخدمات واهتمام صحي ونفسي أفضل من الذين يعيشون خارجها، حيث قد يواجهون مستويات عالية من التمييز، ويتعرضون للحرمان الاجتماعي، ويفقدون وظائفهم، وتتخلى عنهم أُسرهم التي تجهل أبسط آليات التعامل معهم، وتضيع مكانتهم الاجتماعية ويصبحون في معزل عن الأسرة والمجتمع، وهذا مما يزيد حالتهم سوءاً، وإن كانت التقارير الدولية دائماً تُشير إلى سوء معاملتهم داخل المستشفيات والسجون، لكن ولله الحمد الوضع في مملكتنا الإنسانية أهون بكثير من الصورة السوداء المتداولة عن تلك الخدمات عالمياً، وذلك بفضل اهتمام المسؤولين في تلك المراكز على تطوير مستوى الخدمة والحفاظ على كرامة المرضى باختلاف اضطراباتهم النفسية، وكذلك بفضل الجهات الرقابية التي لا تألو جهداً في محاسبة المقصرين في الجهات المعنية بخدمة المضطربين نفسياً بكرامة واحترام لا يزيد وضعهم سوءاً، فالكرامة أساس الحقوق للأسوياء، فكيف بسمن تضيع حقوقهم بسبب اضطراباتهم النفسي، إذن فالخدمة الناجحة هي التي تحافظ على كرامة المستفيد مهما كانت مشكلته النفسية!.