جاسر عبدالعزيز الجاسر
تناسل ورثة أدولف هتلر على ضفتي الأطلسي، فقد وجدت أفكار وأيديولوجية الكراهية العنصرية التي تتوالد في جينات المتطرفين في أوروبا وأمريكا على حد سواء، صدى لها في أمريكا، بعد أن ترعرعت في أوروبا على الفاشيين في فرنسا وهولندا وحتى ألمانيا والنمسا البلد الذي خرج منه أدولف هتلر.
ورغم أن ألمانيا نجت إلى حد كبير من موجة كراهية الأجانب التي بدأت تنتشر على ضفتي الأطلسي في أوروبا وأمريكا، إلا أن تدفق اللاجئين القادمين من الشرق الأوسط، وجلهم من المسلمين جعل الألمان يتخوفون أن يدفع المتشددين إلى التوجه نحو الحزب الجديد «البديل لألمانيا» الذي يشبه إلى حد كبير الحزب النازي الذي قاد ألمانيا للحرب العالمية الثانية ودمر كل أوروبا.
أجواء الكراهية الآخذة في الاتساع في أوروبا وحتى في أمريكا التي تتركز في معظمها على المسلمين تذكرنا بحقبة الثلاثينيات في القرن الماضي التي مهدت للحرب العالمية الثانية التي أفرزتا هتلر وموسليني، فالآن بالإضافة إلى دونالد ترامب في أمريكا ومارين لوبان في فرنسا تنمو وتظهر طحالب التشدد والتطرف في دول أوروبا الشرقية، فهناك النزعة القومية القبيحة لفيكتور أوريان رئيس وزراء المجر التي تندمج بشكل مستمر في النزعة الصريحة المعادية لما يسميه بالغرباء الخاصة بحزب جوبيك المجري، وبنفس المصطلحات ولغة الثلاثينيات يصرح ياروسلاف كازينسكي الزعيم اليميني المتطرف بحزب العدالة والقانون الحاكم في بولندا، الذي يردد بأن اللاجئين القادمين إلى أوروبا من جراء الحرب في سوريا سينشرون الطفيليات والأمراض في أماكن أخرى.
هؤلاء المتطرفون والعنصريون الذين يقودون أحزابا فاشية امتطوا جياد الكراهية وصنعوا طبقة واسعة من الشعوبيين في العديد من الدول الأوروبية، وهي عدوى وصلت إلى أمريكا التي ظهرت في النسخة العنصرية التي يمثلها دونالد ترامب، الذي وإن يطرح نفسه مشرحاً للحزب الجمهوري الأمريكي، إلا أنه يعمل على سحب الثقة من الأحزاب الرئيسة تجاه اليمين القومي، شأنه شأن مارين لوبان في فرنسا، وفيكتور أوريان في المجر، وياروسلاف كازينسكي في بولندا.
هذه الحركات الشعبوية المتنامية في الغرب عموماً، وكعادة الحركات المتطرفة وجدت في الأعمال الإرهابية الإجرامية التي تبنتها جماعات تدعي انتماءها إلى الإسلام الوقود الذي يحرك ماكيناتها الدعائية ويمنحها المبرر للقيام بنشاطات معادية للمسلمين بصورة خاصة، موظفين النزعة العاطفية لشعوبهم التي تتخوف دائماً من وجود الآخرين الذين يعتقدون أنهم يزاحمونهم فرص العمل، فكيف إذا ما اقترن بالتهديد الأمني جراء نجاح المنظمات الإرهابية في تنفيذ أعمالها الإجرامية في أوروبا وأمريكا.
اتساع موجة الكراهية وازدياد مساحة التأييد للأحزاب والجماعات الشعبوية المتطرفة في الغرب لا يمثل تهديداً فقط للمسلمين وللأجانب من غير الأوروبيين فحسب، بل أيضاً يمثل تهديداً جدياً للغربيين عموماً الذين بدأت ذاكرتهم تستعيد حقبة ما قبل الحرب العالمية الثانية، وكيف أدى تنامي الكراهية وتقوقع في قوالب العنصرية إلى اندلاع حرب عالمية أسفرت عن هلاك ملايين الغربيين.