ناصر الصِرامي
لم يسبق أن رحب العالم بمبادرة وجهد كما حدث مع التحالف الجديد ضد الإرهاب، الذي أعلنت المملكة العربية السعودية عن تشكيله ليضم 35 دولة عربية وإسلامية لمواجهة التنظيمات الإرهابية، وفي مقدمتها «داعش» و»القاعدة». وإنشاء مركز عمليات في الرياض لتنسيق ودعم العمليات العسكرية.
وحدها إيران والمليشيات المسلحة التي تتبعها، وسوريا والعراق حيث تقبض طهران على مفاصلها، ليس فقط خارج التحالف لكنها لم ترحب به أبداً أو تجد فيه قيمة تستحق، بعكس كل العالم، دول ومنظمات وهيئات مدنية وشرعية، وشخصيات اعتبارية. فالحرب على الإرهاب تتجاوز الحدود المحلية لعمق اشمل، هو اليوم كل العالم الإسلامي.
التحالف الإسلامي الجديد ضد الإرهاب بقيادة السعودية وبغالبية دول مجلس التعاون الخليجي، ومن الدول العربية في آسيا وإفريقيا، حيث هناك الأردن ولبنان واليمن وفلسطين. ومصر والسودان وتونس وليبيا والمغرب وموريتانيا والصومال وجيبوتي وجزر القمر. ودول إسلامية في آسيا وإفريقيا شملت تركيا وباكستان وبنغلاديش وماليزيا والمالديف وتشاد وتوغو والسنغال وسيراليون والغابون وغينيا وبنين وكوت دي فوار ومالي والنيجر ونيجيريا.
كما عشر دول إسلامية أخرى أبدت تأييدها للتحالف، أبرزها إندونيسيا، في حين استثني منه إيران والعراق.
فهي لم يكن مرحب بها في هذا التحالف الذي سيعمل على محاصرة الإرهاب، ومحاصرة إيران وما تحمله من قوى الشر.
فالدول التي انضمت إلى التحالف الجديد هي ببساطة ، إما تعاني مباشرة من الإرهاب أو يقف على حدودها.أو أمامها مسئولية إسلامية وإنسانية لمواجهة الإرهاب وشروره. فالأهداف الأولية أو الرئيسة أمام هذا التحالف هي»داعش»، تنظيم «القاعدة»، وفرع «القاعدة في بلاد المغرب»، وجماعة «بوكو حرام»، ومنظمات أخرى تحمل نفس الفكر والأسلوب والكراهية.
السعودية وجدت انه من المهم الآن أن تقوم الدول الإسلامية بقفزة مهمة لمواجهة الإرهاب الذي يتخذ من الإسلام المتطرف ستارا كاذبا له.فالعالم الإسلامي هو المفترض أن يقوم بواجبه التاريخي لتصحيح مسار هذا الجنون وفكرة التطرف المسمومة، التي أضرت بكل المسلمين والعرب على الأرض.
في اعتقادي إن إعلان سمو ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ، وفي أول ظهور له بمؤتمر صحفي، لا يؤكد فقط الجدية السعودية في مواجهة الإرهاب ، لكنه يؤكد القيادة السعودية للعالم الإسلامي ومسئوليتها في الوقت عينه.
قد لا تكون آلية المواجهة التي سيعمل عليها التحالف واضحة أو معلنة بالكامل، لكن من الواضح أنها ستكون شاملة عسكرياً وفكرياً وإعلامياً.حيث ومن مركز عمليات في الرياض ستنطلق أشكالا مختلفة لمواجهة الإرهاب، سواء عبر التنسيق ودعم العمليات العسكرية وتطوير البرامج والآليات اللازمة لها.
لنتذكر أن الإرهاب حصد في عام 2014 ما يزيد على 23 ألفاً و700 ضحية، معظمهم من الشرق الأوسط، وكلفة الإرهاب الاقتصادية أضاعت على العالم 53 مليار دولار، وأثرت سلباً على التجارة والسياحة والنقل الجوي والبحري. واخلت بالحياة الطبيعية للبشرية.
الأهم أن التحالف الإسلامي لمكافحة الإرهاب هو التزام واضح ومعلن ومستمر من الدول الإسلامية بنبذ التطرف والإرهاب، وهو التزام وعمل غير مسبوق وشامل في أهدافه وآلياته، أضف إلى ذلك أنه تحالف إسلامي شامل، دون مذهبية أو طائفية.
انه التزام تاريخي هو الأول من نوعه، ليواجه العالم الإسلامي مسئوليته المباشرة في الحرب على الإرهاب، الإرهاب الذي لم يتضرر منه دولة في العالم كما تضررت السعودية. ولم يتسبب باضرار على مستوى الأفراد والدول، بقدر ما أصاب العالم الإسلامي كله.