عبدالله العجلان
جاء لقاء سمو ولي ولي العهد ورئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية الأمير محمد بن سلمان بسمو الرئيس العام لرعاية الشباب الأمير عبدالله بن مساعد، ثم استعراض الخطط المستقبلية لقطاع الرياضة والشباب في الاجتماع الأخير الذي أطلع فيه الأمير محمد عدداً كبيراً ومتنوعاً من شرائح المجتمع السعودي على مضامين مشروع (التحول الوطني).. أقول جاءت هذه التطورات والاهتمامات في فكر وتطلع الرجل الثالث في الدولة، وفي سياق مرحلة مهمة ومفصلية في بناء الإنسان السعودي وتنمية الوطن، لتجعلنا أكثر تفاؤلاً بمستقبلنا الشبابي والرياضي، وخصوصاً أنها تتزامن وتتوافق وأيضاً تلبي إلى حد كبير أفكار وطموحات وتحركات الأمير عبدالله للارتقاء ببيئة وإدارة ونظام وهيكلة واستثمارات المؤسسة الرياضية بكل فروعها ومكوناتها وكوادرها.
وإزاء ما تقدم، ولأننا أمام مفترق طرق، وفي توقيت حرج وظروف تستدعي الاعتراف بواقعنا والتشخيص الدقيق لعلتنا وصولاً إلى العلاج الشافي لها، فلا بد من طرح الأسئلة الكفيلة بكشف وإيضاح حقيقة ما نحن عليه: ماذا قدمت أندية المملكة الرياضية الـ (170)، أو بالأصح وبشكل منطقي وموضوعي (غالبيتها)، لمنسوبيها وللمجتمع وللوطن؟ وحتى لو تجاوزنا الشعار الصوري الهلامي (ثقافي رياضي اجتماعي) ما هي مخرجات معظمها في الجانب الرياضي؟ هل حققت الأهداف أو على الأقل بعضها التي أُنشئت من أجلها؟..
أجزم أن الكثيرين يتفقون معي على أن لدينا ما يقارب الـ(100) نادٍ، مضى على اعتمادها وتسجيلها رسمياً أكثر من 30 عاماً، وما زالت غير قادرة على إدارة نفسها، فضلاً عن كونها عاجزة تماماً عن تنفيذ أنشطتها وتطوير ألعابها وتنمية مواهب وقدرات المسجلين في كشوفاتها.. ولا أبالغ إذا قلتُ إن هناك أندية أصبحت مجرد اسم ومبنى مستأجر وألعاب معلقة حتى إشعار آخر، بعد أن تحولت إلى استراحات للسوالف وشرب الشاي ولعب البلوت. وكي لا نوجِّه اللوم لها وحدها نشير إلى أن لديها معوقات مالية ومشاكل فنية كما في سائر الأندية، كما أنها تفتقر للمتابعة والمراقبة من قِبل رعاية الشباب، وكذلك لعدم وجود لوائح وأنظمة تحكمها وتضبط أداءها؛ لذلك فإن المسؤولية تقع أولاً على الرئاسة العامة لرعاية الشباب حين سمحت لها بأن تكون هكذا، تدير نفسها بفوضوية وبلا معايير ولا أهداف واضحة، ولا متطلبات وشروط تنظيمية ملزمة..
هنا من الضروري لتسريع وتفعيل أية خطوات تطويرية لرياضة السعودية العمل على إقرار أنظمة ولوائح جديدة للأندية، وكل ما يتعلق بشؤونها مالياً وإدارياً وفنياً، تنظم لائحة وطريقة أداء وتكوين وصلاحيات واجتماعات جمعياتها العمومية، وتضبط موازناتها ومصادر دخلها واستثماراتها، إيراداتها ومصروفاتها وقوائمها المالية، تشكيل مجالس إداراتها وهيئة أعضاء شرفها.. أي أن الأندية تحتاج باعتبارها المنتج الأول والأهم للمواهب الرياضية لإعادة ترتيبها بما يتناسب مع ظروفها ومع واقعنا الراهن، وتحتاج أكثر لمزيد من العمل بالنظام الاحترافي المؤسسي، وليس بالاجتهادات والإدارة بمزاجية..
أعجبني وسرني التصريح الذي أدلى به الأمير عبدالله بن مساعد بعد انقضاء ورشة عمل الاتحادات واللجان الرياضية التي نظمتها اللجنة الأولمبية السعودية في مدينة الملك عبدالله الاقتصادية برابغ، حين أشار إلى أهمية أن تقوم الاتحادات الرياضية بتحديد وتصنيف الأندية، بحيث يقتصر نشاط بعضها على الممارسة، والأخرى على المنافسة في الألعاب التي تؤهلها لذلك بحسب إمكاناتها المالية والفنية، وكذلك بروزها وتميزها بهذه اللعبة أو تلك، سواء كانت فردية أو جماعية؛ الأمر الذي يساعد على تقنين الإنفاق والجهود الإدارية، ويخفف الأعباء المالية. كما أن التخصص في لعبة أو عدد قليل من الألعاب سيرفع ويطور من مستواها في النادي؛ وبالتالي تأثير هذا إيجابياً على مستوى المنافسة بين الأندية وعلى المنتخبات الوطنية التي ظلت معظمها تعاني طيلة السنوات الماضية من تنامي الإخفاقات والنتائج السيئة المخجلة إقليمياً وآسيوياً وعالمياً..
الآن وقبل فوات الأوان، وقبل أن تكون صعبة، وربما مستحيلة، ليس أمامنا غير البدء بجد وبهمة وبإرادة قوية صادقة في تطوير رياضتنا، وتطبيق أفكارنا وخططنا ودراساتنا وورش أعمالنا وأحلامنا على أرض الواقع.